Search Icon

هل من كلفة "أرخص" من النزول عن السقوف العالية!؟

منذ يومين

من الصحف

هل من كلفة أرخص من النزول عن السقوف العالية!؟

الاحداث  -  كتب جورج شاهين في صحيفة الجمهورية يقول:"كان طبيعياً أن يأتي الوفد الأميركي المطعّم بأعضاء مجلسي النواب والشيوخ وموفدي الرئيس دونالد ترامب إلى سوريا ولبنان وبعثته في الأمم المتحدة، بالسقوف العالية، في ظل التردّد اللبناني الناجم عن انقسام متعدد الوجوه، بعدما بات "الثنائي الشيعي" في مواجهة بقية اللبنانيين. ولكن ما بات مستغرباً، أن يرفع بعضهم سقفه العالي، رافضاً ما عكسه تفاهم 27 تشرين الثاني الماضي من طعم "الهزيمة"، رغم معرفته بحجم المتغيّرات وسقوط الحصون التي كانت تخفي خلفها خطوط الدفاع المنهارة. وهذه بعض المؤشرات.
بهذه المعادلة اختصر أحد الديبلوماسيين المتابعين لأدق التفاصيل اللبنانية منذ سنوات عدة، وقد انخرط في عدد من المحاولات الفاشلة لترتيب الوضع وتجنيب اللبنانيين ما حصل في السنتين الأخيرتين وتحديداً، منذ أن بذل ما لم يسبقه إليه أحد لتجنيب البلاد المخاطر التي اقتيد إليها وثلاثية "الدم والدمار والدموع" التي انتهت اليها، مهما تمّ تغليفها بقشرة رقيقة من الاجتهادات السياسية وبعض النظريات التي لم تعد تمرّ على أكثرية اللبنانيين، وخصوصاً أولئك الذين أدركوا انّهم تحولوا أحجار الرحى بين قوتين تلعبان على ساحة مفخخة بالألغام التي لن تخرج مفاعيلها من زواريبهم الضيّقة.
وأضاف الديبلوماسي، الذي أصرّ على التعبير عن حجم الوجع الذي أصابه جراء وساطته بين اللبنانيين – ليس بسبب عقلية البعض منهم فحسب إنما بسبب من ركبوا الخيول العالية معتقدين أنّها صالحة للسباق الكبير، في منطقة تغلي وقد ارتفعت فيها الحواجز إلى ما لا طاقة لرؤيتها، وليس لقفز البعض فوقها الذين راهنوا على مجموعة من التحالفات الهجينة والشعارات الفضفاضة، وقد تناسوا ما بلغته اللعبة الدولية من مفاعيل يمكن ان تودي بهم في أي صفقة متى عُقدت بأسعارها وتكلفتها التي تتجاوز مصالحهم، ما لم تُعقد فوق دمائهم وعلى جثثهم إن اقتضت المصالح الكبرى التي تمتطي الظروف الدولية متى دنت ساعة الحقيقة على صعوبتها.
ولم يكن الديبلوماسي يتحدث ليرمي كرة المسؤولية على أي من المسؤولين في لبنان، فمنهم من فقه اللعبة منذ سنوات عدة، وأيقن أنّ الفشل ليس نصير الضعفاء فقط، إنما هو من نصيب المراهنين على السراب في كل زمان ومكان، وأنّ تكلفته تتجاوز الجميع، من قاد ورافق ومن غامر ومن تلقّى النتائج. فاللبنانيون بمختلف فئاتهم ومناطقهم وأهوائهم، باتوا في سلّة واحدة، ولم يكن هناك اي مجال للفصل بين من همس وأوحى وحرّض وخطط وراهن وقرّر، ولم يستثن من تفرّج ورفض ومن عجز عن تغيير قواعد اللعبة ايضاً.
وبعد رفضه مطابقة هذه المواصفات وإسقاطها على أسماء العَلَم، قال "إنّ اللبنانيين أذكى مني انا، ويعرفون من أقصد، ولكن ما النفع إن كان بعضهم ما زال يلعب بمصيرهم وإعاقة التوصل إلى اي حل لإخراج البلاد من مجموعة الأنفاق التي دخلتها، علماً انّ مشاريع العرقلة هي الأقل كلفة في تاريخ الأزمات، ولا تحتاج إلى كثير من مقومات القوة وشروط الصمود والتصدّي، بوجود من قرّر أن يكون انتحارياً. ولذلك، بات البحث عن الاتفاقيات والتفاهمات التي توفّر نهاية الأزمة، او تقدّم بصيص أمل لنهاية النفق امراً معقّداً إن لم يكن مستحيلاً في مرحلة من المراحل. وهذه محطة لا يمكن بلوغها في ظل مسلسل الروايات المتداولة، والمبنية على عدد من النظريات التي لا تنسجم مع أبسط الحقائق التي أفرزتها الحروب الاخيرة، بعدما سقطت محظورات عدة وانهارت معها توقعات وهمية بُنيت على أسس لا تمتّ إلى الواقعية بأي جزء من أجزائها.
ويردّ الديبلوماسي على مجموعة من الأسئلة المطروحة من جوانب عدة بسؤال، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
- هل يكفي الحديث عن توافق داخلي ينقسم من حوله أهل السلطة في أعلى الهرم، ولو بنسبة متفاوتة بوجود من يعرقل ولو كان منفرداً؟ وهل يشكّل ذلك مدخلاً مضموناً لإقناع المجتمع الدولي واستدراجه ليغّير من ثوابته التي لم يتردّد في تأكيدها منذ زمن؟
وهل يمكن أن تنجح أقلية مهما كانت قوية ومتسلحة بكل قواعد اللعبة الداخلية بوجوهها المختلفة، في أن تفرض رأيها على أكثرية اياً كانت مواقفها؟ وما هو المتوقع إن نجحت مرّة اخرى في اقتيادهم إلى الجحيم الذي يتسابقون على توصيفه وتقديم المؤشرات المؤدية إليه، رغم أنّها غير خافية حتى على قصيري النظر؟ 
وإلى أي درجة يمكن ان يتحمّل البلد مزيداً من التشنجات المبنية على مجموعة من النيات المخفية التي لا يمكن تقدير ما يقوم به أصحابها، إن فقدوا الأمل بتغيير شامل ولم يصدقوا انّه بات مستحيلاً؟
وقبل التوسع في مزيد من الأسئلة التي تحمل أجوبة في متنها، كشف الديبلوماسي العتيق عن معلومات لم تثبت لديه بعد، تتحدث عن حدّ أدنى من التفاهمات الداخلية التي من الممكن أن تُنزل البعض عن السقوف العالية التي اختاروها لأنّها أقل تكلفة من أي خيار آخر، من أجل تجميد الوضع، والحؤول دون أي انهيار، بطريقة قد توفر أملاً بإحياء مبدأ "خطوة مقابل خطوة" مبنية على وجود ما يثبت وجود النية الصادقة لتنفيذ القرار بـ "حصر السلاح" طوعاً. وكل ذلك بات رهن دعم خارجي قد يتوافر من خلال بعض الخطوط المفتوحة لملاقاة اللبنانيين في منتصف الطريق.
 ويختم الديبلوماسي متمنياً بأن يكون ذلك ممكناً - ولو اقترب من ان يكون وهماً - الّا في حالة واحدة، إن كانت الاتصالات على خط واشنطن ـ طهران قد اختمرت إلى مثل هذه الخطوة، وتوافر الاقتناع لدى طهران بانتهاء صلاحيات وأدوار أذرعها أينما وجدت. وإنّ ما جرى في اليمن قبل ايام قليلة قد يكون شبيهاً بما حصل في بيروت قبل أحد عشر شهراً، وخصوصاً إن لم يقف عند حدود ما حصل مع القيادة اليمنية حتى الأمس القريب، وإن للحدث تتمة في شكله وحجمه ونتائجه.
&&&&&&&&