Search Icon

"الحزب" يريد إسقاط السلطة فهل ينجح؟

منذ 4 ساعات

من الصحف

الحزب يريد إسقاط السلطة فهل ينجح؟

الاحداث- كتب شارل جبور في صحيفة نداء الوطن يقول:"يعتبر "حزب الله" في قراءته للمشهد الجيوستراتيجي أنه بحاجة إلى إزالة ثلاثة حواجز أساسية من أجل فكّ الطوق المضروب عليه: الحاجز الإسرائيلي، الحاجز السوري، والحاجز الرسمي اللبناني، خصوصًا أنه في حال استمرار هذا الإطباق المثلّث، فإن وضعيته العسكرية إلى زوال حتمي.

ويعتبر في قراءته أن الحاجز الأصعب هو الإسرائيلي ويليه السوري وأخيرًا اللبناني، لأنه أعجز عن التأثير على الوضعية الإسرائيلية. فتل أبيب لم تعد في وارد العودة إلى سياسة "قواعد الاشتباك"، ولن تسمح بإعادة ترميم تنظيمه العسكري، كما ستتمسّك باتفاقية 27 تشرين الثاني التي منحتها قدرة التحكُّم بلبنان عسكريًا وأمنيًا.

أما الوضعية السورية الجديدة، فبرأي "الحزب" لم تستقر بعد، وهي ما زالت هشة: اغتيال رئيسها أحمد الشرع مثلًا كفيل بإعادة خلط الأوراق داخلها، فضلًا عن تداخل نفوذ دول عدة، وعدم قدرة النظام بعد على توحيد سوريا وطمأنة الأقليات. لكن في الوقت نفسه، يدرك "حزب الله" أن قلب الطاولة في سوريا ليس بالأمر السهل، وأن المجتمع الدولي لا يريد بتاتًا عودة إيران إلى سوريا.

ولم يبقَ أمام "حزب الله" سوى لبنان الرسمي، حيث يمتلك قدرة تأثير أكبر مما هي عليه في سوريا، في مقابل غياب أي تأثير له طبعًا على الوضع الإسرائيلي. لذلك، يركِّز جهوده على ثلاثة مستويات أساسية:

المستوى الأول، تجميد قرار الحكومة الصادر في الخامس من آب بشأن نزع السلاح غير الشرعي، والتعامل معه وكأنه لم يصدر أصلًا وولد ميتًا.

المستوى الثاني، الضغط على الحكومة للتراجع عن قرارها، ومواقف "الحزب" كلها تركِّز على هذا الجانب، وتخوِّن الحكومة وتهدِّدها بضرورة التراجع عن قرارها.

المستوى الثالث، العمل على إسقاط الحكومة باعتبار ان استمرارها يشكل خطرًا على مشروعه المسلّح. وقد وضع هدفًا استراتيجيًا أساسيًا بإسقاطها، على الرغم من إدراكه صعوبة الأمر بسبب ضعف إمكاناته وقدراته، وغياب تحالفاته واختراقاته. لكنه يرى أن تحويلها إلى حكومة تصريف أعمال كفيل بتجميد قرارها باحتكار السلاح، وبالتالي شلّ الوضع اللبناني.

ويدرك "حزب الله" ان إسقاط الحكومة في مجلس النواب متعذِّر، لأن أيًا من الكتل النيابية لن يحجب الثقة عنها، كما أن إسقاطها في الشارع غير ممكن، لغياب الاستعداد الشعبي باستثناء بيئته الداخلية، ولا يستطيع من مربِّعه الداخلي إسقاطها. ولا يبقى سوى الخيار المتمثِّل بالاغتيال، لا سمح الله، أي اغتيال رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة بهدف تجميد الوضع التصاعدي في مواجهة سلاحه غير الشرعي، لا قلب الطاولة على غرار ما حصل مع اغتيال الرئيس رينيه معوّض.

وإذا كان وقف الاندفاعة الإسرائيلية من رابع المستحيلات، وإذا كان الوضع السوري متروكًا أمره لإيران وخارج متناوله، فإن الوضع اللبناني يشكل شغله الشاغل لتعطيل الأداة الرسمية التي تريد نزع سلاحه. ويعتقد أنه بتعطيلها يمكنه الحفاظ على سلاحه، باعتبار أن إسرائيل ليست في صدد اجتياح لبنان، وبإمكانه الصمود أمام ضرباتها واستهدافاتها. غير أن الخطر الحقيقي عليه يأتي من الداخل، ومن الدولة تحديدًا. ولذلك، فإن سقف هدفه سيكون تجميد الوضع، باعتبار أنه غير قادر على قلبه رأسًا على عقب من خلال إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل "حرب الإسناد" بسبب أن المعطى الإسرائيلي الاستراتيجي غير قابل للتبديل، ولأن المعطى السوري الاستراتيجي غير قابل للتغيير.

لكن ما لا يأخذه "الحزب" في الاعتبار هو أن المرحلة الحالية تختلف عن مرحلتي اغتيال الرئيس معوّض واغتيال الرئيس رفيق الحريري، حيث لم يعد الاغتيال بالسهولة التي كان عليها في المراحل السابقة. وما لم يأخذه في الاعتبار أيضا ان ردّة الفعل اللبنانية والدولية على أثر اغتيال الحريري أفضت إلى إخراج جيش الأسد فورًا من لبنان. وبالتالي، فإن أي عملية اغتيال اليوم لن تجمِّد الوضع كما يتخيّل، بل ستسرِّع في إنهاء مشروعه المسلّح. ويخطئ التقدير والحساب إذا اعتقد أن الشغور أو تصريف الأعمال سيكون سيِّد الموقف، لأن النتيجة المحسومة ستكون تعبئة الشغور فورًا وتطبيق قرار بسط سلطة الدولة سريعًا.