الأحداث - حوّل تصعيد حزب الله على الجبهة الجنوبية خلال حرب الإسناد وما تلاها بلدة المطلة الإسرائيلية، الملاصقة للحدود مع لبنان، إلى مدينة أشباح شبه خالية. فبعد أشهر من القصف والاشتباكات التي أعقبت السابع من تشرين الأول 2024، نزح معظم سكانها، وأقفلت غالبية محالها وفنادقها، فيما بقيت آثار الدمار ماثلة على مبانيها وشوارعها، لتصبح مثالاً صارخًا على تأثير الحرب في البلدات الحدودية الإسرائيلية.
وبحسب تقرير موسع نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، فإن المطلة، التي كانت يومًا وجهة سياحية خضراء ومقصداً للزوار، بدت في صيف 2025 خالية إلا من نحو 500 شخص من أصل 2,100 كانوا يعيشون فيها قبل الحرب، وفق ما نقلته الصحيفة عن منسّق الأمن في البلدة، يوسي غلازر. الشارع الرئيسي "ريهوف هاريشونيم"، الذي كان يعج برواد المطاعم والمحال في عطلات نهاية الأسبوع، أصبح اليوم صفًا من الأبواب المغلقة. يشير غلازر إلى مطعم "تخانا" الذي كان يعد من أفضل المطاعم في إسرائيل – على حد تعبيره – قائلاً: "كان دائمًا مليئًا بالزبائن، أما الآن؟ لا شيء، كل شيء مقفل".
وردّ مكتب الوزير زئيف إلكين، المسؤول عن مديرية التعافي والسلطة الشمالية، للصحيفة بأن المطلة حصلت على استثمارات مستهدفة بقيمة 6 ملايين شيكل للمباني العامة والمدارس، مع 18 مليون شيكل إضافية ستتم الموافقة عليها قريبًا، فضلًا عن 11.5 مليون شيكل من وزارة الداخلية بسبب الوضع الطارئ. وضمن خطة حكومية أوسع، تم تخصيص مليار شيكل لبلدات خط المواجهة، بينها 20 مليون شيكل للمطلة للمشاريع العامة وبرامج الصمود المجتمعي، إلى جانب منح مالية مباشرة للعائدين. وبالنسبة لأصحاب الأعمال الذين ينتظرون تعويضات "الأرنونا"، فإن بعض الطلبات ما زالت قيد المراجعة القانونية.
في المقابل، استعادت بلدات حدودية أخرى جزءًا كبيرًا من سكانها، إذ عاد نحو 80% من سكان ملكيا وميسغاف عام ويِفتاح، وقرابة 60% من سكان كريات شمونة. ويقول غلازر: "الناس اعتادوا على الحياة المريحة في إيلات وتل أبيب، ولا عجلة لديهم للعودة. يجب إعادة الإحساس بالأمان وإعطاء الناس سببًا للرجوع. أحب هذا المكان وسأبقى أقاتل من أجله، حتى لو كنت وحيدًا في الشارع".
المطلة، التي تُعد من أقدم المستوطنات اليهودية في الجليل الشمالي، كانت على الدوام في مرمى حزب الله منذ تسعينات القرن الماضي، وخصوصًا خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي للشريط الحدودي قبل الانسحاب عام 2000، ثم خلال حرب تموز 2006. واليوم، بعد أحداث خريف 2024، عادت لتكون خط تماس مباشر في المواجهة بين حزب الله وإسرائيل، بعدما تغيّرت ملامحها وتحولت إلى بلدة شبه مهجورة بفعل الحرب.