Search Icon

بين سقوط الأسد وغروب شمس الفرس: أين المسيحيون؟

منذ 6 ساعات

من الصحف

بين سقوط الأسد وغروب شمس الفرس: أين المسيحيون؟

الاحداث- كتب آلان سركيس في صحيفة نداء الوطن يقول:"يمرّ الشرق الأوسط بمرحلة تحوّلات مصيريّة. ويحصل هذا الأمر مرّة كلّ خمسين عامًا. ومع سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا وغروب شمس الإمبراطورية الفارسية عن المنطقة، تطرح أسئلة كثيرة عن مستقبل لبنان والدور المسيحي فيه، خصوصًا بعد إثارة موضوع الأقليات وما رافق الاشتباكات في الساحل السوري والسويداء.

شكّلت نتائج الحرب العالمية الأولى تحوّلًا كبيرًا في الشرق الأوسط، سقطت السلطنة العثمانية وجاء عصر الانتداب الفرنسي والبريطاني. استفاد الموارنة من علاقتهم التاريخية مع فرنسا ووضعوا أنفسهم في مطبخ رسم خريطة المنطقة، فكان لهم لبنان الكبير.

منذ عام 1919 إلى يومنا هذا، مرّت تحوّلات كبيرة على المنطقة، وكان أقصى طموح المسيحيين الحفاظ على الكيان اللبناني، وفي مئويته الأولى، كاد هذا الحلم يتبدّد، ففي عام 2020، عصفت ببلاد الأرز الرياح القوية، فعانى الانهيار الاقتصادي، ومرّ بأسوأ أزمة مالية لم يشهدها حتى في ظلّ الحرب الأهلية. وتطوّرت الأمور، وباتت "الدويلة" تسيطر على الدولة بعد الانسحاب السوري وأصبح "حزب اللّه" هو الحاكم، والدور المسيحي وبقية المكوّنات على الهامش.

كان "طوفان الأقصى" الحدث الذي غيّر وجه المنطقة. سقط نظام الأسد وقطّعت أذرع إيران وضعف "حزب اللّه"، وانتُخب رئيس جديد للجمهورية، بعدما سادت مقولة منذ أشهر تؤكد أن العماد ميشال عون سيكون آخر رئيس ماروني في لبنان والشرق.

 

ويترافق السؤال عن الدور المسيحي في هذه المرحلة مع الاستفسار عن دور جميع المكوّنات. الطوائف كلّها مأزومة، السنّي يعاني غياب القيادة، الدرزي يسيطر عليه الخوف الأقلّويّ، والشيعي مهجّر ومستهدف ولا يعرف الأمان وتعرّضت الدولة الراعية له لضربات موجعة، وبالتالي لا يمكن عزل الواقع المسيحي عن بقية المكوّنات.

 

تضرب الأزمة الجميع، لكنّ وضع المكوّن المسيحي قد يكون أفضل من سواه، الأنوار عادت إلى قصر بعبدا، الأغلبية المسيحية تشارك رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الحكم، ويقترب خطّ اليمين المسيحي الذي ناضل من أجل سيادة لبنان واستقلاله وبناء الدولة التي تمتلك وحدها حصرية السلاح، من تحقيق انتصار تاريخي بعد طول معاناة.

 

لا يمكن الحديث عن تغييب المسيحيين عن رسم خريطة المنطقة، فالمكوّن المسيحي اختار الحضور من خلال الدولة اللبنانية، بينما من ينتابه الخوف هو الجزء الأكبر من المكوّن الشيعي الذي لا يزال يربط مصيره بمصير طهران، ويُصرّ على الاحتفاظ بسلاحه غير الشرعي ويسعى لإعادة ترميم "الدويلة" على حساب الدولة.

 

يحضر المسيحي في قلب اللعبة بقوّة من خلال رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان بعد تعيين كريم سعيد حاكمًا للمصرف المركزي، خصوصًا أنّ البعض كان قدّ روّج لتمسّك الشيعة بهذا المنصب مثلما فعلوا في الأمن العام. وكذلك تشكّل التعيينات فرصة لعودة المسيحيين إلى الدولة. وعلى الصعيد السياسي، يشارك المسيحي في القرار من خلال أحزابه السيادية وقواه التي دخلت إلى الحكومة الجديدة بحجم وازن، وبدأت مسار التغيير في سياسة لبنان، ويترجم هذا الأمر بشكل واضح في وزارة الخارجية التي عادت إلى الحضن السيادي للمرّة الأولى منذ 35 عامًا.

 

لا يستطيع المكوّن المسيحي "النق" كثيرًا على الوضع العام، فهو أصبح داخل اللعبة، ووضعه محصّن إلى حدّ ما، وخياراته السياسية السياديّة تنتصر، وإذا حصل أي خلل فقد يكون من خلال تقصير بعض الأشخاص الذين يتولّون مسؤوليات عامة، وهذا الأمر يحتمّ على أي مسؤول مسيحي في الدولة أن يكون على حجم المرحلة والتحدّيات التي تواجهها.

 

تتجه المنطقة إلى خريطة سياسية قرأها معظم القادة، ويتوجّب على المكوّن المسيحي الأخذ بها ولا يمكنه النوم "ع حرير"، وإذا كانت بعض القوى المسيحية تتمسّك بانتماءاتها السابقة وتوالي أنظمة ومحاور تنهار، فتقع المسؤولية على عاتق الشعب المسيحي الذي عليه رفض تلك السياسات والتي قد تعزل المسيحيين واللبنانيين عن أوروبا والعالم وتجعله أسير نظام ومحور انتهى، لذلك سيكون التعبير الأكبر عن الواقع الجديد في الانتخابات النيابية المقبلة.