Search Icon

بعد فشل "عملية الدوحة": هل فقد نتانياهو "النصر المطلق"؟

منذ 5 ساعات

من الصحف

بعد فشل عملية الدوحة: هل فقد نتانياهو النصر المطلق؟

الاحداث – كتب جورج شاهين  في صحيفة الجمهورية يقول:"لم تُكشف بعد كل السيناريوهات المتصلة بعملية "قمة النار" الفاشلة التي أقدمت عليها تل أبيب، مستهدفة مجموعة من قادة حركة "حماس" "في الداخل والخارج"، وفي القطاع كما في الضفة، من دون أن تحقق هدفها. وتلاحقت مواقف التهرّب من تحمّل المسؤولية، كما فعلت واشنطن في موازاة الإدانة التي شاركت فيها معظم عواصم العالم. وعليه، فإنّ في الكواليس روايات لا يمكن الأخذ بها، وأخرى لا يمكن تجاهلها. وهذه عينة من الصنفين.
ليست المرّة الأولى التي تُستهدف فيها أراضي دولة قطر بتعرّض أمنها الوطني للخطر الكبير، من دون أن تعمل أجهزة الإنذار المبكر او تلك التي تتولّى حماية أجوائها، بما كلّفت به من وسائل التصدّي والحماية لأي اعتداء خارجي او داخلي. وهو امر حصل وسط صمت مريب، لم يشر إليه بعد أي تقرير ديبلوماسي او عسكري رسمي صدر. ولكنه حدث جسيم أعاد التذكير بالأسلوب الذي تمّ الترويج له في السنوات القليلة الماضية، عندما كانت تُطفأ أجهزة الإنذار والردّ المبكر التابعة للقوات الروسية، ولا سيما منها شبكة صواريخ الـ "S400" المنصوبة في قاعدة حميمم، قبيل دخول الطائرات الإسرائيلية مداها الحيوي، في طريقها إلى قصف مواقع حلفائها من القوات السورية وأخرى من جنسيات مختلفة. 
ولا تقف المراجعة للحادث في شكله ومضمونه وتوقيته من دون التذكير أيضاً بمجموعة الصواريخ الإيرانية التي استهدفت قطر منتصف حزيران الماضي، قبل أيام على وقف إطلاق النار في الحرب الإسرائيلية التي شُنّت عليها وتدخّل الولايات المتحدة الاميركية بقصف منشآتها النووية في اليومين الأخيرين من نهاية الحرب.
وعليه، توسعت رقعة السيناريوهات التي تحدثت عمّا جرى في الساعات القليلة التي سبقت الغارة على موقع سكن أعضاء الوفد الفلسطيني الحمساوي  المفاوض، حيث كانوا سيجتمعون لمناقشة "عرض أميركي جديد" طُرح على بساط البحث، وسبقته أوصاف تفصيلية تشجعهم على مناقشته في السرعة القصوى، استعداداً لموعد عاجل للوفود المفاوضة برعاية قطرية اعتاد عليها الوفد منذ بداية الحرب في قطاع غزة. ولذلك عدّ "العرض المغري" فخاً نُصب، ليس بقدرات إسرائيلية فحسب، إنما بالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية، من دون التثبت بعد من أن تكون أجهزة اخرى متورطة في العملية، ولم يأت أحد على ذكرها بعد في انتظار التعمّق في الظروف التي رافقت التحضير للعملية والأجواء التي سلكتها الطائرات المغيرة والأهداف التي أُريد لها أن تتحقق، وقد سقط القسم الأكبر منها لمجرد نجاة الوفد بجميع أعضائه.  
وفي هذه الأجواء، تبادلت مراجع ديبلوماسية وسياسية محلية وإقليمية مجموعة من الروايات التي تعدّت مضمون البيانات الرسمية، ومعها النيات المخفية والمعلنة التي واكبت وتسببت بها العملية بالنسبة إلى مكان وقوعها والأسلوب المعتمد لتنفيذها والغايات منها، والتي اختلفت بين من خطط ونفّذ، ومن دَعَم وانتظر قبل أن يغيّر رأيه، وصولاً إلى الضحية المستهدفة. وهو ما يقود إلى مجموعة منها، تعني مَن حَصَد الفشل ومَن نجا منها، من دون إغفال حجم ومدى ما بلغته الحرب المخابراتية بين مجموعة القوى الإقليمية والدولية المتورطة في النزاع كل على طريقتها وحسب دورها وغاياتها.
بالنسبة إلى مَن حَصَد الفشل والخيبة، فقد تبين مما هو معلن، أنّ تل ابيب أُصيبت بنكسة كبرى. فلما أعلنت عن نجاح العملية استجلبت في مواقفها الرسمية والإعلامية الدعم الأميركي لها، قبل أن تتكشف بعض المعلومات والحقائق، ومنها ما يشير إلى العكس. فقد حاولت إسرائيل تبرئة الجانب الأميركي، وسعى رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو إلى تحمّل المسؤولية وحيداً لإنقاذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب من تردداتها، وهو لم يكن قد نفى تأييده للعملية، وقبيل الكشف عن الخلاف في الإدارة الأميركية التي انقسم رجالها المقرّرون بين مَن رحّب بالعملية ومَن رفضها وحذّر من نتائجها، باعتبارها عملية ستجري على "أرض صديقة" تستقبل إحدى أكبر القواعد الأميركية في الخليج العربي، عدا عن العلاقات المالية والعسكرية المميزة القائمة بين الدولتين، كما بالنسبة إلى العمل الديبلوماسي المشترك بينهما.
اما بالنسبة إلى الجانب الأميركي، فقد كشفت مراجع ديبلوماسية أنّ معظم التقارير التي تناولت العملية بكل أشكالها وجوانبها المختلفة، تجاهلت أمراً دقيقاً بدأت تتسرّب عناوينه إلى الضوء في الساعات القليلة الماضية. وفي انتظار بعض التفاصيل، فقد تبين أنّ موافقة الجانب الأميركي على العملية وعدم تدخّل قاعدة "العديد" في مواجهة الاعتداء عملاً بالاتفاقية المشتركة مع الدوحة، كانت مشروطة بـ "وقف الحرب" في غزة،  بإعلانه "النصر المطلق" بعد القضاء على قادة حركة "حماس" في الداخل ما بين غزة والضفة الغربية والشتات الفلسطيني في الخارج بمختلف الوجوه الخمسة القيادية المستهدفة والتي تختصر المشهد الحمساوي بكامله. ولما فشلت العملية لم يعد لهذا الشرط من قيمة، في انتظار معرفة الخطة البديلة لما انتهت إليه الوقائع، وسقوط الخيارات التي كان يُعتقد انّها محسومة ولا بدّ لها من أن تأتي بمثل هذه النتائج، التي أقل ما يُقال فيها إنّها تلغي او تخفّض، في حال إعلان "إنهاء الحرب"، من حجم ردّات الفعل على العملية في توقيتها وشكلها ومسرحها، وما يمكن أن تعكسه من مظاهر سلبية وخطيرة على العلاقات الأميركية - القطرية خصوصاً، والخليجية والعربية والإسلامية عموماً.
اما بالنسبة إلى قطر فقد اكتفت حتى اللحظة بإطلاق حملة ديبلوماسية غير مسبوقة لإدانة العدوان الذي تعرّضت له، وتشويه صورة المعتدي ومن وافقه على العملية اياً كانت التكلفة المقدّرة، عدا عن التهديد بوقف وساطتها وعدم المشاركة في أي جهد يُبذل، طالما انّ العدوان بلغ ما بلغه من اعتداء على أمنها الوطني وهدّد هيبتها وسيادتها وسلامة "ضيوفها" لسنوات عدة بما لا يمكن تقديره. ولما ردّت قطر بمناوراتها العسكرية بعد العملية مباشرة، تسرّب كلام غير مضمون رافق نفيها، أن يكون الجانب الأميركي قد أبلغ اليها بالعملية قبل وقت من حصولها لتحاشي نتائجها، كان كافياً تنبيه المستهدفين وتجنيبهم الهلاك. فقد كشفت تقارير مشكوك بها، انّ الجانب القطري رصد سرب الطائرات المعادية التي اقتربت من الأجواء القطرية من دون أي علم أو إشارة مسبقة، ولكنه لم يقدّر انّها ستستهدف الأرض القطرية لما تتمتع به من حصانة لا يرقى إليها أي شك، بعد التجرية السابقة مع الصواريخ الإيرانية، والتي تلقّت وعداً بعدم تكرارها، كما تبلّغت في حينه من طهران وواشنطن في آن. ولكن ما ارادت قوله إنّها لم ولن تكتفي بالضمان الأميركي بأنّ مثل هذه العلمية لن تتكرّر ابداً.
على هذه السيناريوهات وأخرى متداولة رست الروايات المتداولة في الأوساط الديبلوماسية، وهي خيارات متناقضة لا تقود إلى اطمئنان الدوحة ولا أي عاصمة خليجية مما يُدبّر لها، إن لم يلجم  الجانب الأميركي إسرائيل ويوقف مغامراتها، لأنّ النتائج قد تكون أسوأ بما لا يمكن تجنّبه ولا ترميمه.