Search Icon

التطورات تتسارع وقلق من اتسـاع دائرة الحرب... عون: أمامنا مسيرة طويلة.. سلام: حصر السلاح

منذ 3 ساعات

من الصحف

التطورات تتسارع وقلق من اتسـاع دائرة الحرب... عون: أمامنا مسيرة طويلة.. سلام: حصر السلاح

الاحداث- كتبت صحيفة "الجمهورية": من غزة إلى لبنان إلى سوريا إلى اليمن إلى إيران وأخيراً وربما ليس آخراً إلى قطر، حقيقة واحدة وهي أن لا حدود لعدوانية إسرائيل، ولا رادع لها في محاولاتها الواضحة لتغيير وجه الشرق الاوسط وتوحيد كلّ ساحات المنطقة تحت سطوتها. ومستوياتها السياسية والأمنية والعسكرية، تعلن جهاراً بأنّ الفرصة مؤاتية لإخضاع دول المنطقة لإراداتها واستسلامها للأمر الواقع الإسرائيلي.

باتت الصورة في منتهى الوضوح؛ تفلّت عدواني، يعزّزه التراخي الدولي المريب حيال ما تقوم به إسرائيل، والاكتفاء بالشجب والإدانة، والإنكفاء إلى موقع المتفرّج والإحجام عن لعب الدور الذي يكبح العدوان. ما يمنح إسرائيل حرّية الحركة العدوانية، في أيّ اتجاه لتحقيق بنك أهدافها على امتداد كلّ دول المنطقة. وهو ما أكّده بصورة مباشرة رئيس الكنيست الإسرائيلي، بوصفه العدوان على الدوحة «رسالة مباشرة إلى الشرق الاوسط بأسره». وتبعاً لهذا التفلّت، فبالأمس كانت قطر، وغداً او لاحقاً يأتي الدور على غيرها من دول المنطقة.

ماذا بعد؟

إسرائيل أكّدت استمرارها في أعمالها العدوانية، وأبلغت مجلس الامن الدولي بأنّها «لن تتراجع وستواصل العمل ضدّ من سمّتهم قادة الإرهاب أينما كانوا، ولا حصانة للإرهابيين لا في غزة ولا في لبنان ولا في قطر»، وكذلك فعل رئيس الأركان الإسرائيلي ايال زامير، الذي اعلن «أننا سنهاجم «حماس» وسنلاحقها في الضفة الغربية وفي أماكن أخرى، كما فعلنا خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية». يشي ذلك بأنّها غير عابئة او مكترثة لارتدادات عدوانها على العاصمة القطريّة، ومحاولة الاغتيال الفاشلة لقادة حركة «حماس» فيها، التي تفاعلت على مستوى العالم الذي ازدحمت فيه مواقف الشجب والإدانة، والتحذير من حريق كبير يهدّد المنطقة بأسرها.

التقييم العام لهذه المستجدات، الذي خلصت اليه تقديرات المحللين، هو أنّ ساحة المنطقة باتت مفتوحة أكثر من أيّ وقت مضى على احتمالات صعبة، والعدوان على الدوحة يُقرأ كفصل من سيناريو إسرائيلي موازٍ للتدمير الكامل لقطاع غزة، له متمّماته، بحيث يبدأ من الدوحة، ولا يقف عند حدودها، بل يتعدّاها إلى مواضع وجبهات اخرى تضعها إسرائيل على منصّة الاستهداف. وتتقاطع تلك التقديرات مع ما بدت انّها «مخاوف حقيقية من شرارات حرب تلوح في الأفق»، أبداها مسؤول أممي رفيع لـ«الجمهورية»، في معرض تقييمه للعدوان الإسرائيلي على الدوحة، حيث نعى قطاع غزة مع الإبادة الإسرائيلية التدميرية الكاملة له، وأشار في الوقت نفسه إلى ما سمّاها ثلاث جبهات عالية الخطورة؛ جبهة اليمن، جبهة إيران وجبهة لبنان.

هروب إلى الحرب!

وإذا كانت إسرائيل تتجاهل ردود الفعل العربية الشاجبة لعدوانها على الدوحة، فإنّها تلقي باللائمة على دول اوروبا والغرب، وتتهمها بتعزيز «حماس» والمحور المتطرف في الشرق الاوسط، على حدّ تعبير وزير الخارجية الإسرائيلية جدعون ساعر، فإنّ مصدراً ديبلوماسياً اوروبياً وفي معرض جوابه عن سؤال لـ«الجمهورية» عن مدى جدّية الإجراءات ضدّ إسرائيل (فرض عقوبات على وزراء في حكومة نتنياهو، وتعليق الدعم الثنائي لإسرائيل) التي تحدثت عنها رئيسة المفوضية الأوروبية اورسولا فون دير لايين، أكّد «أنّ ما تقوم به إسرائيل، خصوصاً في غزة والتجويع المتعمّد الذي تنتهجه، لم يعد ممكناً السكوت عليه أو تجاهل الواقع الإنساني المرعب والمحزن في غزة».

واللافت في كلام الديبلوماسي الاوروبي، اعتباره انّ استهداف إسرائيل للعاصمة القطرية غير مقبول، وتساؤله: «هل من شأن هذا العمل أن ينهي أزمة الأسرى الإسرائيليين ام انّه سيعقّدها اكثر ويهدّد حياتهم»؟ وقوله: «إنّ اسرائيل بمثل هذه الأعمال لا تخاطر بحياة الأسرى، بل تخاطر بمصالح الدول، خصوصاً الدول الصديقة والحليفة لها»، مؤيّداً بذلك ما أعلنه البيت الابيض عن انّ «استهداف الدوحة الحليفة لواشنطن، لا يخدم مصالح الولايات المتحدة الأميركية».

الّا انّ الديبلوماسي عينه، لم يؤكّد او ينفِ احتمال ان تحاول الحكومة المتطرفة في إسرائيل احتواء فشلها في اغتيال قادة «حماس» في الدوحة، بالهروب إلى الأمام نحو إشعال توترات في جبهات اخرى تجرّ المنطقة إلى حرب واسعة. لكنه قال: «لأيّ حرب عواقب وخيمة على كل أطرافها، وأيّ إخلال بأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، سيترتب مخاطر كبرى على الأمن والاستقرار الاقليمي والدولي».

وماذا عن لبنان؟ يجيب الديبلوماسي الاوروبي: «اوروبا بصورة عامة تدعم لبنان، والرئيس ايمانويل ماكرون اكّد وقوف فرنسا إلى جانب الحكم في لبنان برئاسة الرئيس جوزاف عون في سعيه لإنقاذ هذا البلد وإعادة النهوض به، وفي توجّهه لحصر السلاح في يد الدولة اللبنانية. وجهودنا لم تتوقف مع الجانبين اللبناني والإسرائيلي لتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس، والالتزام الكامل باتفاق 24 تشرين الثاني 2024 ومندرجات القرار 1701، مع الإشارة هنا إلى أننا ننظر بتقدير كبير لموقف لبنان وإيفائه بالتزاماته تجاه ذلك».

وعن الأجواء التي تُشاع وترجح احتمالات الحرب على جبهة لبنان، قال الديبلوماسي الاوروبي: «لا املك أي معلومات حول هذا الامر، كما لا املك أن أقدّم اي ضمانات حيال ذلك، وخصوصاً انّ الامور ومنذ اتفاق 24 تشرين الثاني، لم تستقم حتى الآن. ولكن في تقديري الشخصي لا احد راغباً في حرب جديدة، وما زلنا نراهن على التزام كل الاطراف بالاتفاقات المعقودة، وكما سبق وقلت لا مصلحة لأيّ طرف في الحرب».

تخوّف من عدوان

في موازاة ذلك، فإنّ لبنان الذي عَبَر «قطوع السلاح»، وعاد بمستوياته الرسمية والسياسية في هذه المرحلة إلى الإنضباط في مسار التهدئة، ومدّ الجسور بين السلطات كافة، خارج مدار التوتير والتصعيد، يرصد التطورات المتسارعة في المنطقة، والأوساط السياسية على اختلافها تتشارك الخشية من تدحرجها إلى منزلقات أكثر خطورة.

وإذا كانت زيارات الموفدين العرب والأجانب تصبّ في شكلها، في تزخيم أجواء التهدئة، على حدّ تعبير مرجع كبير، الذي عبّر لـ«الجمهورية» عن قناعته بأنّ غالبية الاطراف في الداخل صادقة في هروبها من المشكل وفي توجّهها نحو التهدئة وإعادة تسيير عجلات البلد بصورة طبيعية، ما خلا بعض المقامرين بأمن البلد، ورهانهم على ظروف خارجية تمكّنهم من التسيّد على اللبنانيين. إلّا انّ ما يبعث على القلق هو العامل الإسرائيلي وإبقاء لبنان في دائرة الاستهداف.

وبحسب المرجع الكبير عينه، فإنّ اسرائيل وباعتراف مستوياتها السياسية والأمنية، تحضّر لحرب جديدة مع إيران، وتقديرات الإعلام الإسرائيلي والغربي تشي بأنّها لم تعد بعيدة. لكن من وجهة نظري، وإن كنت اعتبر انّ هذه الحرب ممكن حصولها، لا أؤيد الجازمين بحصول هذه الحرب، لأسباب عديدة، منها ما له بعد دولي صيني روسي تحديداً، ومنها ما له بعد أميركي، حيث انّ اميركا لا تريدها، والأهم من كل ذلك هو أنّ اسرائيل تدرك حجم قوة إيران، وأنّ الحرب معها غير مضمونة النتائج، وتبين ذلك لها بصورة أكيدة في حرب حزيران الماضي.

أضاف المرجع: «الّا أنّ الخطر الكبير الذي أضعه في حسباني، هو على لبنان، فالأميركيون اكّدوا لنا أنّ واشنطن تريد الحفاظ على استقرار لبنان، وترفض الإخلال بأمنه، الّا انّ ذلك لا يوفر ضمانة لئلا تبادر إسرائيل إلى عدوان على لبنان، ولنا مع الأميركيين تجربة معاشة، وهي انّهم يشكّلون الطرف الأساس الضامن لاتفاق وقف اطلاق النار، والطرف الأساس الذي يرأس لجنة مراقبة تنفيذ هذا الاتفاق، ومع ذلك لم تلتزم إسرائيل به وتستمر في اعتداءاتها واغتيالاتها».

لا شيء اسمه ضمانات

ما اكّد عليه المرجع الكبير، يتقاطع مع قراءة زعيم وسطي أبلغ إلى «الجمهورية» قوله رداً على سؤال: «لا شيء اسمه ضمانات، ولو عدنا إلى حرب الـ66 يوماً وما تلاها، يتأكّد لنا بما لا يرقى اليه الشك بأنّ الكلام عنها لا يعدو اكثر من كذبة موصوفة، تشكّل غطاء لتسعير الحرب اكثر، ومعنى ذلك لا رادع لإسرائيل عن القيام بأي خطوة عدوانية في اي زمان ومكان». وأضاف: «من الصعب تصديق ما يُقال عن انّ استهداف إسرائيل للدوحة جاء بمبادرة فردية منها، فهي لا تقوم بمثل هذه الاعمال وغيرها من دون إذن او غطاء، وهذا ينسحب على كل الجبهات الاخرى الخاضعة جميعها لاحتمالات التصعيد الإسرائيلي عليها، ولبنان من ضمنها. وهنا انا لا اقول إنّ الحرب وشيكة الوقوع، حيث انّها قد تكون مؤجّلة حالياً، الّا انّها واقعة حتماً، وخصوصاً انّ اسرائيل لم تحقق ما تريده من لبنان حتى الآن، فهي لا تريد فقط تجريد «حزب الله» من سلاحه، بل تريد ان تحقق الهدف الأساس بالنسبة اليها وهو إخضاع لبنان وجرّه الى التطبيع معها وتديره وفق مشيئتها».

عون: القطار انطلق

سياسياً، يُنتظر أن يبدأ الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، فيما اكّد رئيس الجمهورية جوزاف عون «انّ منافع لبنان كثيرة، لكن للأسف لا يتمّ التنافس عليها من اجل الصالح العام بل غالباً ما يتمّ ذلك للمصالح الخاصة». واشار أمام زواره إلى «أهمية الإنجازات التي حققتها الحكومة منذ نيلها الثقة إلى الآن». وقال: «امامنا بعد مسيرة طويلة، لكن الأمور وضعت على السكة. هناك بالطبع صعوبات، إنما ما من امر مستحيل». وشدّد على أنّ «الوضع الأمني جيد وليس كما يتناوله البعض، الذي هو ضدّ منطق الدولة، لكنه لن يعوق عملنا. فالقطار إنطلق وممنوع الوقوف بوجهه».

سلام والسلاح

من جهته، وخلال تسليمه عائلة الوزير الراحل باسل فليحان وسام الاستحقاق اللبناني الفضي ذا السعف، الذي منحه رئيس الجمهورية للوزير الراحل تكريماً لإرثه، أعلن رئيس الحكومة نواف سلام «انّ حصرية السلاح مسار انطلق ولن يعود إلى الوراء، وقد اتخذت حكومتنا قرارها بتكليف الجيش اللبناني إعداد وتنفيذ خطة شاملة في هذا المجال»، وشدّد على انّ «الجيش اللبناني هو جيش لكل اللبنانيين»، مؤكّداً «اننا نعمل على حشد كل الطاقات لضمان انسحاب إسرائيل الكامل من الاراضي اللبنانية والإفراج عن أسرانا لديها ووقف جميع الأعمال العدائية».

قاسم

إلى ذلك، اعتبر الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، انّ الاعتداء على قطر هو جزء من مشروع إسرائيل الكبرى. وقال في احتفال امس: «كفوا عن الحديث بحصرية السلاح، ومن يتصور انّه يسحب الذرائع من العدو فهو واهم، لأنّ العدو مستمر في مشروعه»، وقال: «إذا ما بدكم تدعموا المقاومة لا تطعنوها في ظهرها، واطلعوا من قصة حصرية السلاح».

واكّد «انّ مسؤولية الحكومة تحقيق السيادة، يعني إخراج اسرائيل من الاراضي اللبنانية»، ورأى انّ «اميركا تحاول إعطاء اسرائيل لبنان بالكامل، وتسعى إلى نزع سلاح «حزب الله» اما عبر الدولة اللبنانية او عبر العدوان»، وقال: «لا تمارسوا ضغوطاً على المقاومة ولا تحدثوها عن تنازلات».

وفد إيراني

من جهة ثانية، اكّد نائب رئيس مجلس الشورى الإيراني حميد رضا حاجي بابائي بعد زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري على رأس وفد من المجلس «دعمنا وتأييدنا للوحدة الوطنية اللبنانية»، وشدّد على «عدم تدخّل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية لهذا البلد»، واعلن انّ «ايران تؤيّد وتبارك أي أمر وقرار يتخذه الإخوة اللبنانيون»، معتبرا أنّ «التطورات وسير العملية السياسية الداخلية في لبنان والقرارات التي اتخذت مؤخّراً، انما تدل إلى أنّ الحكمة السياسية هي التي تقول كلمتها في هذا الوطن»، وقال: «نحن نعتقد تماماً أنّ الشعب اللبناني العزيز الذي يحتفظ بتاريخ ثقافي وحضاري وسياسي، لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يسمح لأي قوة خارجية أن تتدخّل في شؤونه، وأن تملي عليه إرادتها. ولا شك أنّ الاحتلال الإسرائيلي والاعتداءات والإملاءات التي كانت تُفرض على هذا البلد الشقيق، هذا الزمن قد ولّى».