الاحداث- كتبت صحيفة "نداء الوطن" تقول: "تحولت جلستا مجلس الوزراء في 5 آب الماضي وفي 5 أيلول الحالي إلى محطتَين تاريخيتين في مسار عودة الدولة إلى ممارسة دورها بعد تغييب استمر عقودًا. فاتخذت الجلسة الأولى قرار حصر السلاح، وتبنت الثانية خطة قيادة الجيش لتنفيذ القرار. وعلمت “نداء الوطن” أنه ضمن خطة الجيش التي أقرّت أمس، والتي سيبدأ تنفيذها فورًا، أنه لن يكون هناك سلاح ظاهر بعد الآن، حيث سيمنع الجيش أي سلاح ظاهر تحت أي مسمى كان، مقاومة أو سواها، وفي كل المناطق اللبنانية، وستشمل الخطة كل الأحزاب من دون أي استثناء .
أربع مراحل ووزراء “القوات” تحفّظوا
وفي حين شكّل قرار الحكومة في 5 آب محطة أساسية بحصر السلاح بيد الدولة، جاءت خطة الجيش لتتقدّم خطوة أبعد عبر برنامج من أربع مراحل، تبدأ بنزع السلاح بالكامل جنوب الليطاني خلال ثلاثة أشهر ومنع حركة السلاح غير الشرعية في كل لبنان وضبط الحدود ضمن المهلة نفسها، وتليها مرحلة ما بين النهرَين الليطاني والأولي، والمرحلة الثالثة تتضمن بيروت والضاحية الجنوبية، وتنتهي المرحلة الرابعة بالبقاع وسائر المناطق. كما سيقدم الجيش تقارير شهرية للحكومة عن التقدم بالتنفيذ ليبنى عليها. ولكن وزراء “القوات اللبنانية” سجّلوا تحفّظهم على غياب تحديد مهل زمنية واضحة للمراحل اللاحقة.
ذروة الاعتراض الشيعي
وأكدت مصادر رسمية لـ “نداء الوطن” أن حجم الاعتراض السياسي الشيعي بلغ الذروة بالانسحاب من الحكومة، ولا استقالة منها. لكن يجب رصد فعل “حزب الله” و”أمل” في الشارع وما سيبلغه حجم التصعيد، خصوصًا أن مواقف إيران التصعيدية تنعكس على مواقف “الحزب” وسط تأكيد على منع أي فتنة. وشددت المصادر على حزم الحكومة وجديتها في المضي قدمًا في خطة حصر السلاح ولا مساومة في هذا الموضوع مهما بلغ حجم التهويل والتهديد.
واشنطن تشيد وتتطلّع إلى البنود الزمنية
في المقابل، أشارت مصادر أميركية تعليقًا على قرار مجلس الوزراء اللبناني أمس إلى أن إقرار خطة الجيش هي إنجاز للبنان، وأكدت بشكل واضح أنها تتطلع إلى البنود الزمنية للخطة وتترقب تنفيذها السريع. ولفتت المصادر إلى أن واشنطن تدعم الجيش وتسانده وأن زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس وقائد القيادة المركزية الأميركية الأدميرال براد كوبر المرتقبة تصبّ في هذه الخانة. وعلمت “نداء الوطن” أن زيارة الوفد ستتضمن جولة ميدانية.
وأكدت المعلومات أن الزيارة ستكون عملانية عسكرية، فمن ناحية ستقف على احتياجات الجيش من أدوات لتفعيل عمله، ومن ناحية أخرى ستعمل على إحياء آلية وقف الأعمال العدائية المعروفة بالـ “ميكانيزم” والتي ستسمح بمزيد من التعاون بين لبنان وإسرائيل لجهة التخفيف من الاعتداءات الإسرائيلية ودفع إسرائيل إلى القيام بخطوات موازية بانسحابها وتسليم الجيش اللبناني.
وأكدت مصادر وزارة الخارجية أن الجيش اللبناني يستحق الدعم الكامل لمساعدته في المثابرة على تنفيذ مهمته الأهم وهي نزع السلاح غير الشرعي من كامل الأراضي اللبنانية. ولفتت المصادر إلى أنه وعلى الرغم من التصريحات السلبية لبعض اللبنانيين، فإن لبنان والجيش اللبناني يسيران في الاتجاه الصحيح، وهذا ما سيسمح للجانب الأميركي بالضغط على تل أبيب لأخذ ضمانات واضحة لانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية وهو الدور الذي ستضطلع به واشنطن لتحقيق هذا التوازن.
“حزب الله” مهزوم سياسيًا
وتقول أوساط سياسية متابعة لـ “نداء الوطن”، إن أهم ما حصل هو أن جلسة مجلس الوزراء أمس، عُقدت بعدما كان “حزب الله” يرفض انعقادها. كما أن خطة الجيش عرضت وأقرّت بعدما كان “الحزب” يرفض عرضها. ورأت أن “حزب الله”، “خرج للمرة الثانية من مجلس الوزراء ومن المعركة السياسية الوطنية خاسرًا بعدما خسر عسكريًا وذلك في ظل إصرار الحكومة. ولم يعد بإمكانه السيطرة على مفاصل الحكومة أو التأثير بتهديد رئيسَي الجمهورية والحكومة والوزراء، وبات خروج وزراء “الثنائي” أو بقاؤهم لا يقدم ولا يؤخر.
على الرغم من إقرار الخطة، ما زال “الحزب” يردد أنه لن ينسحب من الحكومة، وخروج وزرائه من الجلسة كان فقط لتسجيل موقف معارض تحت ما يسمى ميثاقية، علمًا أن الميثاقية هي مسيحية إسلامية ولا يحق لمكوّن أن يضع فيتو على قرارات حكومية. وقد أكد رئيس الحكومة نواف سلام أن لا استثمارات ولا غيرها في ظل وضع قال فيه مفتي الجمهورية لا لجيشين في لبنان. إن أقصى ما يستطيع “الحزب” فعله هو الخروج من الجلسة أو تسيير الدراجات النارية ضمن نطاق جغرافي محاصر ومحدد”.
ولفتت الأوساط إلى “أن الكلام عن مدة زمنية موجود أساسًا في قرار مجلس الوزراء في 5 آب الذي يترك للجيش ليقدّر الموقف. وقد أصبحت المسألة عند الجيش وهي ستمضي في مسار تصاعدي وهو مسار الدولة الذي انطلق”.
بري يؤيد خطة الحكومة
وفي السياق، أبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري تلقفه الإيجابي لصيغة الحكومة وخطة الجيش بشأن حصر السلاح بيد الدولة، مؤكدًا أن الموقف الإيجابي ينبع من “مرونة الصيغة” التي لم تحدد مهلة زمنية صارمة للتنفيذ، وربطت التطبيق بقبول إسرائيل بالخطة الأمنية والسياسية المطروحة”.
وفي تصريح لافت، قال بري إن “الخطة كما وردت من مجلس الوزراء، وكذلك العرض الذي قدمه قائد الجيش، تضمّنا مقاربة واقعية للملف، إذ إن التنفيذ مرهون بجملة معوّقات، أبرزها الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، وهو ما أخذته الحكومة بالاعتبار”. وأضاف: “إن عدم تحديد مهلة زمنية يعني أن هناك إدراكًا لصعوبة الميدان وتعقيداته”.
وفي موقف حازم، عبّر بري عن رفضه القاطع لأي تحرك في الشارع قد يهدد الاستقرار الداخلي، قائلاً: “أنا ضد أي حراك في الشارع، ولو اقتضى الأمر أن أنزل شخصياً لمواجهته”.
كما نقل زوّار الرئيس بري ارتياحه لمقرّرات المجلس وخطة الجيش قائلاً: “انسحب وزراء “الثنائي” من الجلسة انطلاقًا من المبدأ لكن المقرّرات جيدة”.
مكي: سعيت لتجاوز العقبات
توازيًا، قال وزير التنمية الإدارية فادي مكي، إثر مغادرته جلسة مجلس الوزراء: “لقد سعيت، بقدر ما أتيح لي، إلى السعي لتجاوز العقبات، وكنت من الداعين إلى مناقشة خطة الجيش وترك موضوع المهلة الزمنية لتقدير قيادته، هذه المؤسسة التي نجلها ونحترمها ونعتبرها الضامن لوحدة الوطن وسيادته، غير أنني، أمام الوضع الراهن وانسحاب مكون أساسي، لا أستطيع أن أتحمل مرة أخرى وزر قرار كهذا، وقررت الانسحاب من الجلسة”. أضاف، “في معرض حديثي في الجلسة قلت، إذا كانت استقالتي من الحكومة تحقق المصلحة الوطنية، فأنا على استعداد أن أضع هذه الاستقالة بتصرف رئيسي الجمهورية والحكومة”.
إعادة قانون استقلالية القضاء
وفي خلال جلسة مجلس الوزراء، أبلغ الرئيس عون المجلس أنه ينوي، بموجب المادة 57 من الدستور، إعادة قانون استقلالية القضاء إلى المجلس النيابي لإعادة درسه، نظرًا إلى الشوائب الكثيرة التي تضمنها.
إلى ذلك يعقد مجلس الوزراء في الثالثة من بعد ظهر الثلثاء في 9 من شهر الحالي، جلسة في السراي الحكومي، للبحث في جدول أعمال من 44 بندًا.
ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية
من جهة ثانية، غدًا الأحد تحل ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية على وقع ثلاثة تحوّلات كبرى، رحيل بشار الأسد من سوريا، وقيام سلطة وطنية بمعايير لبنانية صافية، وقرارات الحكومة في 5 و 7 آب الماضي بنزع السلاح غير الشرعي، وهو القرار الذي كان يجب اتخاذه منذ 34 عامًا.
وهنا تُطرح أسئلة عديدة لما يمكن أن تحمله كلمة رئيس “القوات” سمير جعجع، فهل ستكون تصعيدية باتجاه فريق الممانعة أو تطمينية؟ وهل ستحمل مبادرة جديدة؟ هذه الكلمة ستكون مؤشرًا بشأن الاستعدادات للانتخابات النيابية في الربيع المقبل والتي تعوّل عليها “القوات” لإعادة إنتاج السلطة عبر السلطة التشريعية.