الاحداث- كتب سمير سكاف*
لا يمكن حماية غزة! ولا يمكن حماية أهلها ولا أطفالها! فالطفل مسحوق والمرتكب محمي وبريء... سلفاً!
ماذا ينفع إذن أن تستنكر فرنسا العقوبات الأميركية ضد قضاة محكمة الجنايات الدولية، بينهم قاضٍ فرنسي؟!
فالقصة ليست قصة ديبلوماسية دولية، بل قصة لوبيات أقوى من دول كبرى!
فالقرار الأميركي الجديد يحمي اسرائيل ويؤكد أنها فوق القوانين والأعراف والمؤسسات الدولية. وهذا أمر متخذ ومحسوم منذ زمن طويل!
اليوم، مرة جديدة يحمي الدرع الأميركي ارتكابات اسرائيل ورجالاتها المتهمين، وعلى رأسهم رئيس حكومتها بنيامين نتانياهو من سيف محكمة الجنايات الدولية.
قال وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، في بيان: "أتهم اليوم كل من كيمبرلي بروست من كندا، ونيكولا غيو من فرنسا، ونازهات شاميم خان من فيجي، ومام ماندياي نيانغ من السنغال، لمشاركتهم المباشرة في تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية مع مواطنين أمريكيين أو إسرائيليين أو اعتقالهم أو احتجازهم أو محاكمتهم، دون موافقة أي من البلدين".
وتشمل الإجراءات المعلنة منع دخولهم الأراضي الأمريكية، وتجميد أي أصول محتملة يمتلكونها في الولايات المتحدة، ومنع أي معاملات مالية معهم.
وزارة الخارجية الفرنسية عبرت في بيان صادر عنها عن قلق باريس وعن صدمة فرنسية إزاء هذا القرار الأمريكي، لا سيما وأن قاضياً فرنسياً، وهو نيكولا غيو، هو من بين القضاة المستهدفين.
وقدأكد متحدث باسم الوزارة أن فرنسا "تعبر عن تضامنها مع القضاة المستهدفين بهذا القرار"، وتعتبر أن العقوبات الأمريكية "تتناقض مع مبدأ استقلالية القضاء"، بينما تبررها الولايات المتحدة بـ"تسييس" المحكمة الجنائية الدولية.
*معارضة أمريكية متزايدة للمحكمة الجنائية الدولية*
متحدث أميركي قال إن الولايات المتحدة "عبرت بوضوح وحزم عن معارضتها لتسييس المحكمة الجنائية الدولية"، مشدداً على أن هذه المؤسسة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها تمثل "تهديداً للأمن القومي وقد تم استخدامها كأداة حرب قانونية ضد الولايات المتحدة وحليفتها المقربة إسرائيل".
فالولايات المتحدة تعارض الإجراءات القضائية هذه. وهي مستاءة بشكل خاص من الإجراءات التي استهدفت جنودًا أمريكيين في أفغانستان يُشتبه في ارتكابهم جرائم حرب مزعومة، بالإضافة إلى أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت، للاشتباه في ارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حرب غزة.
*نتانياهو يرحب ويشيد!*
من جهته، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأربعاء، بالعقوبات الأمريكية. وقال في بيان نشره مكتبه: "أهنئ ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي، الذي قرر فرض عقوبات على قضاة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي".
وأضاف نتنياهو، الذي تستهدفه محكمة الجنايات الدولية شخصيًا منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي 2024 في أمر اعتقال صادر عن المحكمة الجنائية الدولية لاتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة قائلاً:
"هذا عمل حاسم ضد حملة التشهير والأكاذيب التي تستهدف دولة إسرائيل (وجيشها)، وهو لصالح الحقيقة والعدالة"!
ويُضاف هذا الإعلان إلى العقوبات التي أُعلنت في بداية شهر حزيران/ يونيو الماضي، واستهدفت أربع قاضيات أخريات في المحكمة الجنائية الدولية.
وفي شباط/ فبراير، كانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان.
إن القرارات الأميركية تضرب مؤسسات الأمم المتحدة. وهي تطال محكمة الجنايات الدولية، ومحكمة العدل الدولية بعد الهيئة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن.
إذ أصبحت القرارات الدولية تُختصر وتُحسم في قمم ألاسكا وأخواتها. لا بل يكفي اليوم محادثة هاتفية بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين لحلها!
القرار الأميركي يحمي من دون شك الخيارات الاسرائيلية في تحويل غزة الى ريفييرا أو في القيام بالترانسفير الكبير... وهي في الواقع، قبة حديدية "قانونية" تحمي اسرائيل مسبقاً من نتائج التجويع والمجازر التي تُرتكب بحق أهل غزة وأطفالها!
* كاتب وخبير في الشؤون الدولية