Search Icon

"ما كُتب قد كُتب"...بانتظار عودة برّاك؟

منذ 10 ساعات

من الصحف

ما كُتب قد كُتب...بانتظار عودة برّاك؟

الاحداث - كتب جورج شاهين في صحيفة الجمهورية يقول:"منذ أربعة عقود ونصف عقد لم يضطر مجلس الوزراء إلى اتخاذ مثل هذا القرار في شأن "حصرية السلاح"، ففي السنوات التي أعقبت "اتفاق الطائف" وما شهدته آلية جمع سلاح الميليشيات والأحزاب اللبنانية كانت المعادلات مختلفة تماماً ولا تتفق مع ما انتهت اليه الحروب الأخيرة، ولم تكن المنطقة قد تعرّضت للمتغيّرات المفاجئة على جسامتها. وعليه، وإن كانت النظرة إلى ما جرى على خلفية أنّ "ما كًتب قد كُتب"، يُطرح السؤال عمّا هو متوقع في اليوم التالي؟
إن انسابت الأمور كما هو متوقع ومبرمجاً وفق معظم الأوراق وأولويتها، فإنّ ما هو منتظر بعد قرار الحكومة الأخير بالموافقة على شكل ومضمون "الأهداف الواردة في الورقة الأميركية لتثبيت وقف  النار التي أقرّتها الحكومة يوم الثلاثاء الماضي"، التريث في إطلاق السيناريوهات المتوقعة وما يمكن أن تقود اليه، في انتظار "الخطة التطبيقية" التي ستضعها قيادة الجيش بناءً على تكليف مجلس الوزراء "لحصر السلاح قبل نهاية العام الجاري في يد الجهات المحدّدة، لإعلان الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية وحدها، وعرضها على مجلس الوزراء قبل 31 من الشهر الجاري لمناقشتها وإقرارها". وعدا عن هذه المحطة المفصلية المبرمجة تلقائياً، قد تتعدّد أولويات المرحلة الفاصلة عن نهاية الشهر الجاري، لتتوزع على أكثر من مستوى سياسي وأمني وعسكري وديبلوماسي. ذلك انّ ما هو متوقع متعدد الوجوه والأهداف قياساً على مروحة التردّدات التي تسببت بها هذه الخطوات.
وقبل التطرّق إلى أي من المحطات المنتظرة في الفترة المقبلة والمتوسطة والبعيدة المدى المبرمجة وفق ورقة العمل الأميركية بمراحلها المحددة، يبدو من الضروري، في نظر أكثر من مرجع سياسي وديبلوماسي غربي ولبناني، لفت النظر إلى الزيارة الرابعة المفاجئة للموفد الرئاسي الأميركي توم برّاك لبيروت الاسبوع المقبل. فهي الزيارة التي لم تكن واردة على الإطلاق لو لم يُصدر مجلس الوزراء قراره الاخير، اياً كانت الظروف الداخلية التي يمكن ان تنجم عنه. فالرجل كان قد دخل مرحلة انتهاء مهمّته "الاستثنائية" و"الإضافية" في لبنان، ليتفرّغ للوضع في سوريا وتركيا، التي يمثل بلاده فيها سفيراً فوق العادة، على خلفية ما تربطه من علاقة مميزة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالنظر إلى العلاقة الشخصية التي تجمعهما منذ عقود.
وإلى أن تنتهي المراجع المعنية في السفارة الأميركية في لبنان من الاتصالات المطلوبة لبرمجة الزيارة التي تبلّغ بها المسؤولون بطريقة غير رسمية، ستكون مناسبة للإفادة منها للإسراع ببعض الخطوات التي يمكن ان تتخذها الولايات المتحدة الأميركية وحليفاتها الغربية والخليجية على الساحة اللبنانية، لرفع مستوى الضمانات المطلوبة من لبنان، واستعجال ما يمكن توفيره منها بالسرعة القصوى، بغية تسهيل مهمّة الجيش في وضع الخطة العملانية لحصر السلاح في عهدته وضمان توفير الأجواء للإسراع  في وقف الاعتداءات اليومية على الأقل. فلا تتكرّر الخيبات التي ولّدها تفاهم 27 تشرين الثاني الماضي. فما هو مطروح اليوم من برمجة للخطوات المطلوبة من كل الأطراف، افتقدها ذلك التفاهم الذي تحدث في مرحلته الاولى عن 60 يوماً بلا أي برنامج تنفيذي أو خطوات، كان لا بدّ من تحديدها بالمقدار الذي تضمنته ورقة برّاك الأخيرة.
واستناداً إلى هذه المعطيات، فقد كشفت مراجع معنية انّ زيارة برّاك ستكون مناسبة للتمنّي والطلب لمواكبة القرار الحكومي المتخذ في ظروف دقيقة وصعبة جداً، تسببت بصدع لا بدّ أن يسارع المسؤولون إلى ترميمه على اكثر من مستوى، وخصوصاً على مستوى رؤساء السلطات الثلاثة. فلم يعد خافياً على أحد أنّ العلاقة اهتزت بين رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري الذي غاب عن زيارة القصر الجمهوري الأربعاء الماضي، إثر تفاهم مبدئي غير معلن عنه بزيارة دورية لبري إلى بعبدا كل اسبوع إن دعت الحاجة، او كل 15 يوماً في الظروف العادية. كما بالنسبة إلى ترميم العلاقة بينه وبين رئيس الحكومة نواف سلام، الذي سعى جاهداً إلى البحث في الترتيبات التي سبقت الدعوة إلى مجلس الوزراء بزيارة عين التينة مرّتين. ولمّا لم يتلمّس سلام اي خطوة داعمة، يبدو انّه تراجع عن زيارته الثالثة طالما انّ المواقف باتت على خطين لا يلتقيان بأي شكل من الأشكال، على رغم من معرفتهما بحجم الضغوط التي يتعّرض لها لبنان، وما يمكن ان تؤدي اليه إن تردّد في اتخاذ بعض الخطوات الحكومية على الأقل، والتي تأجّل البتّ بها ما بين الزيارتين الثانية والثالثة لبرّاك بين الثلثين الأول والأخير من تموز الماضي.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، تعتقد المراجع المعنية انّ ردّات الفعل التي تركها قرار مجلس الوزراء على الساحة الشيعية، والتي لم تخرج عمّا هو متوقع لألف سبب وسبب، تستدعي الإسراع في إراحة الأجواء الداخلية المتشنجة. فالحديث عن مشاريع العزل الطائفي خرافية، ولن يكون هناك ما يؤدي إلى فتنة داخلية. ذلك أن ليس هناك اي طرف آخر مسلح يناهض هذه البيئة و"حزب الله" خصوصاً، فلتكون هناك فتنة تحتاج إلى طرفين لخوضها. ولا الجيش اللبناني في وارد الوصول إلى اي مرحلة من مراحل المواجهة العسكرية مع الحزب. فالتجارب التي رافقت ردّات الفعل في الأيام الاخيرة لفتت إلى أنّ لا قرار بالصدام. فالشارع الشيعي تجاوب مع تعليمات الجيش بحصر تحركاته في مناطق لا تمسّ الأمن الداخلي والسلم الأهلي، وبقيت كلها في الإطار الطبيعي لإمرار مرحلة من الغضب لا بدّ ان تكون عابرة. والحدود المسموح بها في شأن ما يؤدي إلى القلاقل محدودة جداً، ولن يسمح اي من الطرفين بتجاوز الخطوط الحمر المرسومة بدقة لتكرار ما حصل في نقاط ساخنة سابقاً.
وتلفت مراجع أمنية معنية بالوضع الداخلي الى إنّ حصول 7 أيار جديد شبيه بما حصل قبل 17 عاماً غير وارد، فتلك المرحلة كانت لها ظروفها وأسبابها الموجبة، وهي غير موجودة على الإطلاق. وإنّ الحديث عن احتمال استنساخ ما شهدته الساحة السورية من أشكال الفتنة المذهبية تمّ وأدها في مهدها على الساحة اللبنانية، ولا يمكن ان يُسمح بها. ذلك انّ الظروف مختلفة والعلاقات بين المكونات اللبنانية لا تشبه تلك التي تعيشها سوريا، والتجارب لم تمح بعد، وما زالت العيون مفتوحة على من يسعى إلى تمثيل تلك الجريمة على الساحة الداخلية مهما كانت قدراته او توجّهاته. فكل من يعنيه أمر السلم الأهلي ينتظر على "الكوع" أن يرتكب اي طرف او اي شبكة أو اي شخص ما يؤدي إلى تلك الجريمة، وسيكون عقابه  ظاهراً غير مخفي.