Search Icon

ما بعد بعد جلسة "حصرية السلاح"... وما اليوم التالي؟!

منذ 4 ساعات

من الصحف

ما بعد بعد جلسة حصرية السلاح... وما اليوم التالي؟!

الاحداث – كتب جورج شاهين في صحيفة الجمهورية يقول:"إن كانت محطة مفصلية، فإنّ جلسة الحكومة أمس الأول لم تكن الأولى التي تقارب فيها مسألة "حصرية السلاح" من دون برمجة تسليمه. فقد سبق لها أن ناقشت العنوان عينه في جلسة إقرار البيان الوزاري وفي جلستين، مع بدء حراك موفدي الرئيس الأميركي مورغان اورتاغوس وتوم برّاك. فهما أكّدا ما نصّ عليه البيان الوزاري والقرار 1701 واتفاق الطائف، واعتبرا أنّ مضمونه لن يبقى حبراً على ورق. وانّ المطلوب خطوة تأسيسية لتثبيت الهدنة المبنية على "وقف العمليات العدائية" قبل مرحلة وقف النار. وعليه، فما هو المتوقع بعد جلسة أمس الأول؟
منذ اللحظة الأولى التي تلا فيها رئيس الحكومة نواف سلام نص القرار الصادر عن مجلس الوزراء في نهاية الجلسة، لم تتعدد السيناريوهات في شأن ما يعني "حصر السلاح" بالمؤسسات العسكرية والأمنية من الجيش إلى شرطة البلدية، وتكليف قيادة الجيش وضع الخطة اللازمة قبل نهاية الشهر الجاري للانتهاء من العملية قبل نهاية السنة، بكل التفاصيل التي يمكن تحديدها وفق برنامج يحدّد المهل الكافية لتنفيذه.
وليس ضرورياً الحديث عن الآلية علناً بغية حمايتها من أي ردّ فعل داخلي او خارجي مع الاحتفاظ بواجب الحكومة إطلاع الرأي العام على عناوينها، وترك التفاصيل لمن يمكن ان يكون مشرفاً على تنفيذها ضمن المهل المحدّدة، وإطلاع من يجب إطلاعه عليها، وخصوصاً الخماسية العسكرية التي شُكّلت إثر تفاهم 27 تشرين الثاني الماضي، ولم تحقق أي إنجاز يُذكر بعد تعطيل أعمالها لفترات متقطعة.
وتعتقد مراجع أمنية وسياسية، انّ الأمور لا تقف عند هذه المعطيات ومراحلها والمهل. ذلك أن ليس من السهل استدراج "حزب الله" إلى الالتزام بما تقرّر طوعاً. فهو وفي حضور وزير واحد منه وآخر من حركة "امل"، خرجا من الجلسة اعتراضاً على الإصرار الذي عبّر عنه رئيس الحكومة نواف سلام بضرورة البتّ بالبند الخاص بالملف، منذ أن وافق على تأجيل البحث فيه، كونه كان أول بند من بنود جدول أعمال الجلسة إلى نهايتها. وقد كان شرطه واضحاً، بدليل حجم البلبلة التي سادت طوال فترة انعقاد الجلسة التي دامت نحو 5 ساعات، ولم يتجاوز البحث في البنود الإدارية والمالية سوى دقائق، عبرت من خلالها بعض التعيينات الادارية لضمان استمرار العمل في بعض المؤسسات والهيئات المستقلة.
وإلى هذه المحطات الهامشية، لا يمكن لأي من هذه المراجع أن يخفي قلقه مما يمكن ان تأتي به المراحل التطبيقية لما تقرّر لأكثر من سبب. واولها انّ الحزب اعتبر أنّ حكومة سلام إرتكبت "خطيئة كبرى" في "اتخاذ قرار يُجرِّد لبنان من سلاح مقاومة ‏العدو الإسرائيلي". وانّها ضربت "بعرض الحائط التزام رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في خطاب القَسَم ‏بنقاش استراتيجية ‏الأمن الوطني". ولم يكتف البيان الرسمي للحزب بالإشارة إلى هذه المعطيات، فقد توصل إلى القول إنّ "خروج وزراء "حزب الله" وحركة "أمل" يعني... التعامل ‏مع هذا القرار كأنَّه غير موجود". وجاء ذلك في وقت لم تصل فيه حركة "امل" إلى هذه الدرجة من الرفض، عندما اعتبرت في بيان مستقل أنّ ما قامت به الحكومة لا يعدو كونه "تقديم تنازلات مجانية" في "اتفاقات جديدة مع العدو"، وأنّ الأولوية يجب أن تكون "لتثبيت وقف إطلاق النار ووضع حدّ للآلة العسكرية الإسرائيلية التي أودت بحياة المئات من المواطنين بين شهيد وجريح". وأملت الحركة أن تكون "جلسة مجلس الوزراء المقرّرة غدًا (اليوم) فرصة لتصحيح هذا المسار، وإعادة ترسيخ التضامن اللبناني في وجه العدوان".
على هذه الخلفيات كشفت المراجع عينها، انّها على ثقة بأنّ وزراء الثنائي الشيعي لن يقاطعوا جلسة اليوم، وانّ حضورهم سيكون بصيغة اخرى لإعادة تأكيد موقفهم، بمعزل عن عدم وقوف أي من الوزراء الآخرين إلى جانبهم، بعد أن اكتفى الوزير الشيعي الخامس المستقل بـ "التحفظ" عن القرار. وهي عملية تُعتبر الاولى من نوعها. فلم يكن الوزراء الشيعة في هذه "العزلة" من قبل. وهو امر لا يعني انّهما غير قادرين على تعطيل الخطوة، فاللجوء إلى مبدأ "الميثاقية" كما يترجمانها كافية لوضع العصي في دواليب القرار، وربما تقدّم الأمر إن لجأوا مرّة جديدة إلى الشارع على رغم من كل الحسابات التي تجعل هذه الخطوة مليئة بالمخاطر التي يقدّرونها سلفاً.
وفي ضوء هذه المعطيات، كشفت مراجع حكومية انّه لم يكن سهلاً ان تخوض الحكومة هذه التجربة، وانّ رئيسها الذي أصرّ على مجموعة من الخطوات العاجلة لم تكن غافلة على أحد، خصوصاً على مستوى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، فالجميع كانوا في الأجواء مسبقًا، وانّ هامش المناورة تقلّص إلى الدرجة الدنيا حتى بات مفقوداً في رأي وزراء كثر. وقد لفت عدد كبير منهم ومن مختلف القوى الأخرى، انّه لم يعد هناك ما يسمّى "ترف الوقت"، وانّ موضوع "حصرية السلاح" مهما تعددت الأوصاف الأخرى، لم يعد مدار نقاش، وانّ البحث في آلياته له ظروف اخرى، وتستدعي أن تتمّ العملية طوعاً بإرادة الحزب وبالتنسيق مع المعنيين في الجيش والقوى الأخرى بلا أي مواربة.
ولفتت هذه المراجع الحكومية، إلى انّ مثل هذا القرار يعطل سيناريوهين، أحدهما يمكن ان يكون ميثاقياً ووفاقياً بامتياز، والثاني لا يمكن تفسيره سوى أنّه يقود إلى نوع من "الإنتحار الجماعي" الذي ترفضه اكثرية اللبنانيين ومعهم جزء وازن لا يستهان به من الشيعة. ذلك انّ الاول يمكن ان يتحقق بوقفة جريئة بقرار طوعي تتخذه قيادة الحزب، إيذاناً بانتهاء دور هذا السلاح في اي مواجهة مقبلة مع العدو بعد فقدان دوره الإقليمي الذي لعبه منذ عقد ونيف تقريباً، ولم يعد له اي مسرح بعد انتقال سوريا من ضفة إلى أخرى، وإبعاد محور الممانعة عن المنطقة وسقوط منطق "وحدة الساحات"، وانّ خلاف هذين الخيارين لا يعدو كونه إطلاق يد إسرائيل في لبنان إلى الدرجة التي لا يتصورها أحد.
وإن اضافت هذه المراجع في تعليقها على موقف الحزب الرافض، فهي تقول إنّه لم تعد هناك قوة دولية او إقليمية تشاركه الرأي سوى إيران والحوثيين في اليمن، وإن وجدت فصائل فلسطينية فهي محدودة الحضور والقدرة. وإن لم تكن هذه المعادلة صحيحة فليدلونا على اي طرف يمكن أن يعلن وقوفه ضدّ الخطوات التي اتخذتها الحكومة بالأحرف الأولى.
وتجمع مراجع سياسية وديبلوماسية على انّ ما بعد جلسة أول أمس وجلسة اليوم اياً كان مصيرها، فإنّ فصلاً جديداً قد كُتب، وإن وجد من يعرقله او الحؤول دون تنفيذه، فهو لن يأتي بنتيجة داخلية. فالحديث عن الفتنة لا طرف ثانٍ لها، ولن يكون الجيش في هذا الموقع كما يتخوف البعض. اما الخيار الثالث فهو مليء بالمغامرات التي قد تتجاوز ما يسمّى "الانتحار الجماعي"، وهنا تكمن قدرة المسؤولين على تجاوز هذا القطوع بخطوة فذّة لمصلحة لبنان قبل المجتمع الدولي، الذي يبدو فيه الموقف الأميركي اكثر ليونة من أي طرف؟ ولكن ما سيحصل إن اكتفى بتجميد وساطته على الأقل؟.