الاحداث- كتب سابين عويس في صحيفة النهار تقول:"فيما كان الرهان الداخلي على شهر أيلول/سبتمبر ليحمل معه بعض الانفراج على مستوى الدعم المالي الموعود للبنان، بدأ أن هذا الرهان لم يكن في محله، بعدما تبين أن القرارات السياسية أو الإجراءات المالية والإصلاحية التي اتخذتها الحكومة لم تكن كافية للدفع نحو تحديد موعد لعقد مؤتمر دولي للدعم، اقترحت باريس الدعوة إليه وتنظيمه مع الدول المانحة والمؤسسات الدولية المعنية.
والواقع أن فرنسا لم تحدد موعداً لمؤتمر مماثل، بل تحدث مسؤولوها عن تحضيرات في هذا الشأن يمكن أن تتبلور في الخريف. لكن معظم المواقف الفرنسية، كما الغربية أو العربية كانت تربط انعقاد مؤتمر الدعم برزمة من الإجراءات ذات الطابع السياسي والعسكري والمالي والاقتصادي، منها ما يتصل بالتزام تطبيق القرار الدولي ١٧٠١ القاضي بسحب السلاح، ومنها ما يتعلق بسلة من القوانين، أقرّ لبنان بعضها ولا يزال بعضها الآخر عالقاً مثل مشروع قانون الفجوة المالية أو اقرار مشروع قانون موازنة السنة المقبلة التي رفعها وزير المال إلى الحكومة، لكنها لم تطرح بعد للدرس على طاولة مجلس الوزراء، تمهيداً لاحالتها على مجلس النواب لدرسها وإقرارها.
في جعبة الفرنسيين اقتراحان لعقد مؤتمرين لدعم لبنان، أحدهما ذو طابع اقتصادي من أجل إعادة الإعمار، والآخر ذو طابع عسكري يتصل بدعم الجيش. لكنّ الاقتراحين لا يزالان معلقين في انتظار الظروف الملائمة لعقدهما، على ما كشف وزير الخارجية والمغتربين جو رجي في تغريدة له أول من أمس، إذ نقل عن نظيره الفرنسي جان - نويل بارو في اتصال به ترحيب بلاده بـ"تبني الحكومة اللبنانية الخطة التي اقترحها الجيش لاستعادة احتكار الدولة للسلاح على كامل الأراضي اللبنانية"، مؤكداً استعداد فرنسا الوقوف إلى جانب السلطات اللبنانية لتنفيذ التزاماتها ودعم الجيش اللبناني. كذلك نقل رجي عن بارو نية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "تنظيم مؤتمرين لدعم القوات المسلحة اللبنانية وإعادة الإعمار والإنعاش الاقتصادي عندما تتوافر الظروف لذلك".
وكان ماكرون أعلن عن هذا الأمر تزامناً مع زيارة رئيس الجمهورية جوزف عون لباريس في نهاية أيار/مايو الماضي.
يُفهم من تغريدة رجي أن الطريق ليست بعد سالكة أمام انعقاد المؤتمرين. وتعزو مصادر الوزارة الأمر إلى أنه لا يزال هناك حاجة إلى تلمس المجتمع الدولي خطوات عملية وجدية في موضوع تنفيذ خطة الجيش لحصر السلاح. وهذا يعني عملياً أن كل الإغراءات أو الوعود بتوفير الدعم المالي لإعادة الإعمار ومساعدة الجيش لن تتحول إلى أفعال لن تأخذ في الاعتبار الخطوات المالية المتخذة، ما لم يبدأ الالتزام الجدي لتنفيذ خطة سحب السلاح، والتي يخشى المانحون أن تتعرض للتمييع ومحاولات كسب الوقت، خصوصاً أن الدول المانحة فقدت الثقة بقدرة لبنان على التزام تعهداته الخارجية.
وإذا كانت الشروط الدولية للمشاركة في مؤتمري الدعم مرهونة بمدى تقدم لبنان في تنفيذ خطته لنزع السلاح، فهي أيضاً مرهونة بمعطيين أساسيين لا يمكن إغفالهما أو التغاضي عن أهميتهما. الأول يكمن في الموقف السعودي من لبنان، باعتبار أن المملكة تشكل المساهم الأول الذي يرتكز عليه أي مؤتمر للدعم، وهي تقود موقف دول الخليج في هذا المعنى. ومن المنتظر أن تشكل زيارة الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان بيروت غداً واللقاءات التي يزمع عقدها مع المسؤولين اللبنانيين بوصلة لتبين مدى صحة المرونة التي يجري تداولها حالياً لجهة تفهم موقف الحكومة اللبنانية، ولا سيما أن المملكة تمدّ رئيسها بجرعات دعم قوية للمضي في مواقفه الجريئة ومواجهة الحملات ضده. والمعلوم أن الدعم السعودي أمر أساسي وحيوي في انعقاد المؤتمرين، خلافاً لما يروج له الفريق الممانع الذي لا يزال يراهن على الدعم الإيراني.
أما المعطى الثاني، فهو فرنسي الطابع ويتصل بالمتغيرات الداخلية التي تشهدها باريس والتي من شأنها أن تحول الأولويات إلى الداخل الفرنسي، مع التهديد الذي تواجهه الحكومة بالسقوط في أي لحظة