الاحداث- كتبت صحيفة "الجمهورية" تقول:"كلّ الأنظار متّجهة نحو "جلسة السلاح" مطلع الأسبوع المقبل، التي تتقاطع التقديرات على وصفها بالمفصليّة لارتباطها بهدف حصر السلاح بيد الدولة، الذي يحاكي بصورة مباشرة الملف الأكثر حساسيّة وتعقيداً المتعلق بسلاح "حزب الله"، وضرورة تسليمه للجيش اللبناني. ولكن في فضاء هذا الملف تسبح مجموعة من الأسئلة، حول جلسة مجلس الوزراء وما إذا كانت ستنعقد أم لا؟ وإذا ما انعقدت ماذا سيتقرّر فيها؟ وهل سيقتصر الأمر على جلسة واحدة أم انّ الباب سيفتح على مسلسل طويل من الجلسات؟ والأهمّ من كلّ ذلك، هل ستتمكّن من تحديد ما وصفت بالمراحل الزمنية لحصر السلاح؟ وإذا ما عجزت عن ذلك ورفض "حزب الله" التخلّي عن سلاحه فما هي الخطوة التالية؟ ويُضاف إلى ذلك سؤال: ماذا بعد توم برّاك، الذي تردّد بالأمس، انّ مهمّته قد انتهت، او أُنهيت، لا فرق، ولم يعد مكلّفاً بالملف اللبناني؟
الجلسة: لا موانع
رئيس الحكومة نواف سلام دعا إلى جلسة لمجلس الوزراء عند الثالثة بعد ظهر الثلاثاء المقبل في القصر الجمهوري، وحدّد جدول أعمالها باستكمال البحث في تنفيذ البيان الوزاري في شقه المتعلق ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتيّة حصراً، إضافة إلى البحث في الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية لشهر تشرين الثاني 2024.
الجلسة، وعلى ما هو معلوم، لم تكن مفاجئة، لكونها كانت مقرّرة قبل خطاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في عيد الجيش، الّا انّ التحليلات والتخيّلات التي أغرقت الأجواء بصورة مكثفة بعد خطاب الرئيس، زرعت في الأجواء التباسات، ذلك انّ الخطاب لقي صدى مؤيّداً على مدى واسع، الّا انّه في المقابل، وعلى ما تقول مصادر موثوقة لـ"الجمهورية"، أحدث نقزة، تحديداً لدى "حزب الله"، ولاسيما بعد تسميته بالاسم في متن الخطاب، إضافة إلى الحديث عن فترة زمنية لتسليم سلاح الحزب. ورجحت هذه التحليلات بمعظمها مقاطعة وزراء حركة "امل" و"حزب الله" الجلسة، الّا انّه لم تبرز حتى الآن أيّ موانع تحول دون انعقاد الجلسة، كما لم يبدِ أيّ طرف، ايّ تحفّظ علني حيال انعقادها، أو تلويح مباشر أو غير مباشر بمقاطعتها، خصوصاً من قبل ثنائي حركة "أمل" و"حزب الله".
وفي ظل غياب القرار العلني بالمشاركة أوعدمها، فإنّ مصادر قريبة من الطرفين ترجّح المشاركة، وتؤكّد لـ"الجمهورية" استعدادهما للنقاش المعمّق في كلّ ما هو مطروح، وموقف الحركة والحزب واحد موحّد حيال كل الامور. علماً انّ التواصل المباشر وغير المباشر لم ينقطع بين بعبدا وعين التينة وعنوانه الدائم إيجابية وتفهّم متبادلان، وضمن هذا السياق ليس مستبعداً اللقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ربما خلال الساعات المقبلة، ومثله التواصل بين "حزب الله" وبعبدا، واللقاء الأخير بين الرئيس عون ورئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، كان صريحاً حول الملفات المطروحة والنقاش بينهما جرى بروحية إيجابية، وقيل فيه ما قيل، وتحت سقف اللا خلاف على الإطلاق على مبدأ إنقاذ البلد ووقف العدوان الإسرائيلي. وكذلك التواصل بين قيادة الجيش والحزب وعلى مستوياته المختلفة، والذي يندرج في سياقها اللقاء الأخير بين قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع عضو "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله والحاج وفيق صفا.
وإذا كان الحوار، كما تقول المصادر، يشكّل المفتاح لبلورة حلول ومخارج لما هو عالق من ملفّات أو تعقيدات، فإنّ الأمور تكون دائماً في خواتيمها، فالمسار طويل ويُخطئ من يعتقد انّها تحصل بكبسة زر، او تحت الضغط على ما تفعل الترويجات التي يجري ضخّها عبر بعض القنوات ومواقع التواصل، والتي تشكّل رافداً مساعداً لما يتعرّض له لبنان من ضغوط، وتصوّب على فئة معيّنة وكأنّها هي أصل المشكلة، وتتوعّد بالويل والثبور وعظائم الأمور للبنان وتخوّف كلّ اللبنانيّين بسيناريوهات حربية وتحدّد مواقيتها بأنّها صارت وشيكة.
وأكّدت المصادر "انّ القرار على مستوى "امل" و"حزب الله" بالمشاركة في الجلسة سيُتخذ خلال اليومين المقبلين، فيما الاتصالات المكثفة مستمرة في اكثر من اتجاه سياسي، لتبديد ما بدا من غيوم والتباسات في الساعات، والأجواء جيدة".
"دعونا لا نستعجل"
إلى ذلك، استخلصت "الجمهورية" من مصادر موثوقة، انّ كلاماً كبيراً جداً يُقال في اللقاءات والغرف المغلقة، وأحد كبار المسؤولين قال صراحة، إنّ المداخلات والضغوط التي تُمارس علينا كبيرة جداً، ولكن في موازاة ذلك، لا توجد اي نية لدينا لأخذ الامور في اتجاه تصادمي مع اي طرف وتحت ايّ عنوان. وهو ما تمّ التأكيد عليه في اللقاءات المغلقة التي جرت على غير مستوى في الايام القليلة الماضية". فيما فضّل مسؤول كبير، ورداً على سؤال لـ"الجمهورية" عدم إعطاء اي تقييم سلبي او إيجابي لخطاب رئيس الجمهورية، وقال: "تستطيع ان تقرأ الخطاب وتفسرّه كما تشتهي، وتأخذ منه ما تريد، وتأخذ الخطاب بمجمله إلى حيث تريد وترسم له أبعاداً تضيّع محتواه. ولكن انا شخصياً من أنصار المقاربة العقلانية لكلّ ما استُجد في الأيام الاخيرة، ولا سيما ما ورد في الخطاب، دون إطلاق أحكام متسرّعة او تهجمات او إفراط في التقديرات الخاطئة والبناء على اوهام".
مصلحة لبنان تضغط
بدوره، ورداً على سؤال لـ"الجمهورية"، أعرب مصدر حكومي عن أمله في أن تنتهي جلسة مجلس الوزراء إلى قرار مشترك حول حصرية السلاح من قبل جميع الأطراف الممثلة بالحكومة، وفق ما التزم به خطاب القَسَم، وأكّد عليه البيان الوزاري للحكومة، والتي نالت الثقة على أساسه. وليس هناك ما يدعو لأن يتشنّج اي طرف او يعتبر نفسه مستهدفاً، بل العكس هو الصحيح. ذلك انّ الهدف الأساس الذي نتفق عليه جميعاً، هو مصلحة لبنان ونزع الذرائع من يد إسرائيل وحملها على وقف اعتداءاتها والانسحاب من الاراضي اللبنانية المحتلة، خصوصاً من التلال الخمس وإطلاق جميع اللبنانيين الذين تحتجزهم".
ورداً على سؤال آخر، أمل المصدر الحكومي أن نتمكّن من الوصول إلى قرار في جلسة الثلاثاء. الّا انّه لم يستبعد أن يتطلّب النقاش حول هذا الامر اكثر من جلسة لمجلس الوزراء، وقال: "المهم في ما نحن فيه، هو انّ موضوع حصرية السلاح وتأكيد سيادة الدولة على كل الأراضي اللبنانية، بات موضوعاً على الطاولة لاتخاذ قرار تنفيذي في شأنه".
وعمّا يتردّد عن ضغوط تُمارس على لبنان من مصادر خارجية متعدّدة لسحب سلاح "حزب الله"، قال المصدر الحكومي: "مصلحة لبنان هي التي تضغط علينا، ولا شيء غيرها".
وحول الإشارات السلبية التي ترد من إسرائيل حول نيتها باستمرار العدوان على لبنان، وفق ما عبّر وزير المالية الاسرائيلي يتسئليل سموتريتش، بإعلانه أنّ اسرائيل لن تنسحب من النقاط الخمس، قال المصدر الحكومي: "نحن نقوم بواجبنا تجاه بلدنا، وإسرائيل في حال تمنعها عن الانسحاب من الأراضي اللبنانية ستكون في مواجهة المجتمع الدولي".
مهمّة برّاك
إلى ذلك، شاع في الأجواء اللبنانية خبر انتهاء مهمّة الموفد الأميركي توم برّاك في مواكبة الملف اللبناني. وذكرت قناة "الجديد" عن توجّه لإعادة تعيين الموفدة السابقة مورغان اورتاغوس مكانه. فيما نقلت قناة "الحدث" عن الخارجية الأميركية نفيها هذا الخبر، مؤكّدة أن "لا صحة للأنباء عن إنهاء مهمّة الموفد توم برّاك إلى لبنان". فيما ذكرت قناة "سكاي نيوزعربية" انّ "برّاك أبلغ المسؤولين اللبنانيين في زيارته الأخيرة إلى بيروت بأنّها زيارته الأخيرة. وقالت انّ "الاتجاه هو إلى إناطة الملف اللبناني إلى السفير الأميركي المعيّن حديثاً في لبنان ميشال عيسى وهو من أصول لبنانية".
خطاب رصين
وكان رئيس الجمهورية قد استقبل أمس السفير المصري في لبنان علاء موسى الذي هنأ الرئيس عون على خطابه، "الذي تميّز بالرصانة والوضوح، وكان جديرًا بالمتابعة". وقال: "نغتنم مناسبة عيد الجيش اللبناني لنؤكّد على دور المؤسسة العسكرية كضامن للاستقرار والسيادة. نُقدّر الجهود المبذولة للوصول إلى خطة واضحة لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية". وأضاف: "هناك توافق داخلي واسع على ضرورة بسط الدولة سلطتها الكاملة على كل الأراضي اللبنانية".
وسبقت ذلك زيارة صباحية تفقدية قام بها رئيس الجمهورية للمركز الرئيسي لإدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية (الريجي) في الحدث، حيث اكّد على "انّ النجاح لأي مؤسسة رسمية او عامة يتحقق بفعل الإدارة السليمة"، معتبراً أن "ليس هناك مؤسسة سيئة بل هناك إدارة سيئة تقود العاملين فيها إلى الفساد والرشوة وابتزاز المواطن، في حين انّ العكس هو المطلوب، أي ان تكون الإدارة في خدمة المواطن وليس العكس".
الجيش مستعد
من جهة ثانية، عقد قائد الجيش العماد رودولف هيكل اجتماعًا استثنائيًّا في اليرزة امس، حضره أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة، وعدد من الضباط، تطرّق فيه إلى التطورات على الصعيدين المحلي والإقليمي وشؤون المؤسسة العسكرية، وزودهم بالتوجيهات اللازمة في ظل الظروف الصعبة التي يمر فيها لبنان.
واكّد هيكل أنّ "المؤسسة العسكرية تؤدي دورها بفاعلية في هذه المرحلة كما في كل المراحل السابقة، وهذا عائد إلى جميع عناصرها على اختلاف رتبهم ووظائفهم". ولفت إلى أنّ "الجيش مستعد دائمًا للعطاء والتضحية وسط التحدّيات القائمة، بخاصة الانتهاكات والاعتداءات المتزايدة من جانب العدو الإسرائيلي ضدّ سيادة لبنان وأمنه، وما يَنتج منها من سقوط شهداء وجرحى ودمار"، وقال: "نفتخر بشهدائنا وجرحانا الذين قدّموا تضحيات كبرى فداءً للوطن". كما أكّد أنّ جهود الجيش ترتكز حاليًّا على حفظ الاستقرار والسلم الأهلي، وتأمين الحدود الشمالية والشرقية وحمايتها ومنع أعمال التهريب، ومواجهة التهديدات الخارجية، وأشار إلى أنّ التواصل مستمر مع السلطات السورية في ما خصّ أمن الحدود، باعتبار أنّه أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى استقرار البلدَين.
وقال: "الجيش نفّذ انتشارًا واسعًا ومهمًّا في منطقة جنوب الليطاني بالتنسيق والتعاون الوثيق مع قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان - "اليونيفيل"، فيما لا يزال العدو الإسرائيلي يحتل عدة نقاط عقب عدوانه الأخير على بلدنا. إنّ استمرار الاحتلال هو العائق الوحيد أمام استكمال انتشار الوحدات العسكرية، وقد أبدى الأهالي في الجنوب تعاونًا كاملًا مع الجيش، وقيادة الجيش تتواصل باستمرار مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية".
وكان قائد الجيش قد قام بجولة تفقدية على عدد من الوحدات العسكرية المنتشرة في الجنوب والبقاع والشمال وبيروت، واكّد للعسكريين أهمية الولاء للوطن والمؤسسة العسكرية، مشدداً انّ الجيش قدّم الكثير من الشهداء والجرحى، وسيبقى صامداً ومتمسكاً بالارض في مواجهة العدو الإسرائيلي. واكّد انّ تنفيذ مهمات مراقبة الحدود الشمالية والشرقية وحمايتها وضبط أعمال التهريب أساسي لأمن لبنان وسوريا.