الأحداث - قالت منظمة العفو الدولية، اليوم الثلاثاء، إنه “يجب التحقيق في تدمير الجيش الإسرائيلي الواسع والمتعمد للممتلكات المدنية والأراضي الزراعية في مختلف أنحاء جنوب لبنان باعتبارها جرائم حرب”، مشيرة إلى أنه “نظراً لحجم الدمار الذي أحدثه الجيش الإسرائيلي، لم يعد لدى العديد من سكان جنوب لبنان مكان يعودون إليه”.
وقالت كبيرة مديري البحوث وأنشطة كسب التأييد والسياسات والحملات في منظمة العفو الدولية إريكا غيفارا روساس، إنه “ينبغي على السلطات الإسرائيلية تقديم تعويضات سريعة، وكاملة، ووافية لجميع ضحايا انتهاكات القانون الدولي الإنساني وجرائم الحرب، لأفراد ومجتمعات بأكملها على السواء. ويجب أن تشمل هذه التعويضات عائلات أولئك الذين تأذوا من السلوك غير القانوني لإسرائيل”.
وأشارت إلى أنه “على الحكومة اللبنانية أن تتحرّى فوراً جميع السبل القانونية الممكنة، ومن بينها إنشاء آلية تعويض محلية، وأن تطالب بتعويض من أطراف النزاع”، مضيفة “كما يتعيّن على الحكومة اللبنانية أن تنظر مجدداً في منح المحكمة الجنائية الدولية الولاية القضائية للتحقيق في الجرائم المنصوص عليها بموجب نظام روما الأساسي، والمرتكبة على الأراضي اللبنانية، والمقاضاة عليها”.
كذلك، شددت روساس على “ضرورة أن توقف جميع الدول فوراً جميع عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل وغيرها من أشكال المساعدات العسكرية لها، بسبب الخطر الملموس المتمثل في إمكانية استخدام هذه الأسلحة لارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي”.
ونشرت منظمة العفو الدولية، اليوم الثلاثاء، تقريراً موجزاً جديداً بعنوان “لا مكان نعود إليه”، يوثق “التدمير الهائل الذي أحدثته إسرائيل في جنوب لبنان، وكيف أن القوات الإسرائيلية استخدمت متفجرات تُزرع يدوياً وجرافات لتدمير منشآت مدنية، بما فيها منازل، ومساجد، ومقابر، وطرقات، وحدائق، وملاعب كرة قدم في 24 قرية”.
ويحلّل التقرير الموجز الفترة الممتدة من بداية الغزو البري الإسرائيلي للبنان في 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 وحتى 26 يناير/ كانون الثاني 2025 ويكشف تعرّض أكثر من 10 آلاف منشأة لأضرار جسيمة أو للتدمير خلال تلك الفترة. وقد جرى الكثير من التدمير بعد 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله حيز التنفيذ.
وقالت المفوضية إن “الجيش الإسرائيلي نفّذ التدمير بعدما أحكم سيطرته على المناطق، أي خارج إطار الأعمال القتالية. وفي هذا السياق، يحظر القانون الدولي الإنساني تدمير الممتلكات المدنية إلا إذا كان ذلك لازماً بموجب الضرورة العسكرية القهرية”.
وتبيّن في التحقيق الذي أجرته منظمة العفو الدولية أنه في “حالات عديدة، نفذ الجيش الإسرائيلي التدمير الواسع للمنشآت المدنية في غياب واضح للضرورة العسكرية القهرية وفي انتهاك للقانون الدولي الإنساني”. وقالت إريكا غيفارا روساس، إن “تدمير الجيش الإسرائيلي منازل مدنيين وممتلكاتهم وأراضيهم في جنوب لبنان جعل مناطق بأكملها غير صالحة للسكن، ودمّر حياة عدد لا يحصى من الناس”، مشيرة إلى أن “الأدلة التي حلّلناها تبين بوضوح أن القوات الإسرائيلية خلَّفت وراءها عمداً أثراً من الدمار بينما كانت تتحرّك في المنطقة”
واعتبرت أن “استهتارها الصارخ بالمجتمعات المحلية التي دمرتها مقيتٌ، وحيثما ارتُكبت أفعال التدمير هذه بصورة متعمدة أو متهورة، يجب التحقيق فيها باعتبارها جرائم حرب”. وتبعاً للتقرير، استخدم مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية عدداً كبيراً من الأدلة البصرية، من ضمنها 77 مقطع فيديو وصور فوتوغرافية جرى التحقق من صحتها، وصور الأقمار الصناعية، للتحقيق في الأضرار وتحديد بيانات الأبنية التي تعرّضت لأضرار فادحة أو للتدمير.
واشتملت الأدلة على مقاطع فيديو يظهر فيها جنود إسرائيليون وهم يزرعون المتفجرات يدوياً داخل منازل، ويُخرّبون طرقات وملاعب كرة القدم، ويجرفون حدائق ومواقع دينية. وفي بعض مقاطع الفيديو، صوّر الجنود أنفسهم وهم يحتفلون بالتدمير بالغناء والهتاف. كذلك “جمع مختبر أدلة الأزمات بيانات نشرها الجيش الإسرائيلي وحزب الله على أقنيتهما الرسمية، وحلَّل التقارير الإخبارية والبيانات التي جمعتها منظمات أخرى لإعداد جدول زمني وإجراء تحليل سياقي. كما أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 11 شخصاً من سكان القرى الحدودية في جنوب لبنان”، وذلك تبعاً للتقرير.
وأضاف التقرير: “صرّح الجيش الإسرائيلي بأن بعض التدمير للمنشآت المدنية كان يُقصد به منع الهجمات المستقبلية، وبأن بعض المنشآت كان يستخدمها سابقاً مقاتلو حزب الله، أو تُخزَّن فيها أسلحة، أو يقع فوق أنفاق، غير أنه، برأي منظمة العفو الدولية، فإن التدمير الواسع للممتلكات المدنية من أجل منع الخصم من شن هجمات في المستقبل لا يستوفي معيار الضرورة العسكرية القهرية بموجب القانون الدولي الإنساني. وإن الاستخدام السابق لمبنى مدني من جانب أحد أطراف النزاع لا يُحوّله تلقائياً إلى هدف عسكري”.
وأشارت المنظمة إلى أنها في 27 يونيو/ حزيران 2025، أرسلت أسئلة بشأن التدمير إلى السلطات الإسرائيلية، لكنّها حتى وقت نشر هذا التقرير، لم تتلقَّ أي رد. وتبعاً للتقرير، “عندما بدأ الجيش الإسرائيلي غزوه البري للبنان في 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، صرّح بأنه يشنّ “غارات موضعية، ومحدودة، ومُستهدفة، بناءً على معلومات استخبارية دقيقة ضد أهداف إرهابية وبنى تحتية لحزب الله”، ومع ذلك، يكشف التحليل الذي أجرته منظمة العفو الدولية الدمار الهائل عبر كامل الحدود الجنوبية مع إسرائيل تقريباً والبالغ طولها 120 كيلومتراً”.
وتبيّن صور الأقمار الصناعية أن قرى يارين، والضهيرة، والبستان في قضاء صور كانت الأكثر تضرراً، حيث دُمّر ما يفوق 70% من مبانيها في الإطار الزمني الذي جرى تحليله. وشهدت سبع قرى أخرى تدمير أكثر من نصف منشآتها.