الاحداث- كتب عباس صباغ في صحيفة النهار يقول:"أصدر مجلس شورى الدولة قراره في الطعن بقرار زيادة الضرائب على المحروقات، وقضى بـ"تجميد قرار الحكومة فرض ضريبة على المحروقات" إلى حين بت أساس المراجعة. فهل يلزم هذا القرار الحكومة؟
استعادت الحكومة في قرار أصدرته في 10 حزيران / يونيو الفائت سياسة فرض الضرائب على اللبنانيين لتمويل ما يشبه "سلسلة رتب ورواتب عسكرية". ولم تجد باباً للتمويل سوى "معشوقة الحكومات الدائمة"، صفيحة البنزين وأخواتها، فقررت تجميد أسعار المحروقات عند مستويات مرتفعة، من دون الأخذ في الاعتبار تراجع سعر النفط عالمياً في الفترة التي اتخذت فيها الحكومة ذلك القرار، ما سيحمّل اللبنانيين والمنتجين على حد سواء الأعباء الكبيرة ويفاقم تراجع القدرة الشرائية المنهارة أصلاً لدى فئات واسعة، بمن فيها العسكريون في الخدمة والمتقاعدون.
وبعد مراجعة تقدم بها رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع ورؤساء نقابات سياحية، قرر مجلس شورى الدولة تجميد قرارات الحكومة إلى حين بت أساس المراجعة.
صحيح أن القضاء الإداري في لبنان غالباً ما يستند في أحكامه إلى الاجتهادات، إلا أن قراراته ملزمة، عدا عن أن مراجعته مفتوحة أمام كل صاحب مصلحة وكل ذي صفة، بخلاف القضاء الدستوري الذي حدد بوضوح من يحق لهم مراجعته.
بيد أن الإدارة تعمد أحياناً إلى صرف النظر عن قرارات مجلس شورى الدولة في مخالفة لجوهر إنشاء هذا المجلس، علما أن الحكومة التي تصدر قرارات إدارية خاضعة لرقابة مجلس الشورى، ما خلا حالات نص عليها القانون، ومنها ما يتعلق بالأعمال الحكومية أو القرارات التي تصدر استناداً إلى الظروف الاستثنائية.
وتجميد أسعار المحروقات عند المستوى الذي بلغته في شباط / فبراير الفائت، هو قرار إداري خاضع لرقابة القضاء الإداري، وبالتالي على الإدارة (الحكومة) التزام القرار القضائي.
فالمادة 93 من قانون المجلس تنص على الآتي: "على الشخص المعنوي من القانون العام أن ينفذ الأحكام الصادرة عن مجلس شورى الدولة، تحت طائلة المسؤولية (...)".
لذا على الحكومة تنفيذ القرار القضائي، وتاليا إعادة أسعار المحروقات إلى ما كانت عليه قبل فرض الزيادات عليها.
تظهر هنا إشكالية في شأن مصير رواتب العسكريين التي ارتفعت بعد قرار الحكومة، وإذا نفذت الحكومة قرار مجلس شورى الدولة فإنها ملزمة وقف مفاعيل القرار الذي أصدرته.
يؤكد الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين لـ"النهار" أنه "من حيث المبدأ، وبمعزل عن قضية محددة بالذات، وفي ما خص أيّ مراجعة، يعود لمجلس شورى الدولة في معرض النظر في الدعوى، إذا طلبت الجهة المستدعية، أن يوقف تنفيذ القرار المطعون به موقتا، إلى حين الفصل في أساس المراجعة، إذا تبين له أن تنفيذ القرار المطعون به قبل بت الدعوى من شأنه إلحاق الضرر".
ويلفت إلى أن "قرار تعليق التنفيذ ليس نهائيا ولا يقيد مجلس شورى الدولة الذي يمكنه التراجع عنه في ما لو طرأت معطيات جديدة قبل فصل الدعوى، كما يمكنه مع الحكم النهائي أن يتخذ مسارا مطابقا أو مخالفا".
ويخلص إلى أن "أي قرار بوقف التنفيذ بصورة عامة ملزم للإدارة، من دون التطرق إلى مراجعة معينة معروضة أمام القضاء".
وفي حال عدم تنفيذ الحكومة القرار القضائي، لا سبيل قانونياً لإلزامها، علماً أن قرارات مجلس شورى الدولة نافذة حكماً، لكن الممارسة أظهرت أن هناك تقاعساً من الإدارة (الحكومة) في التنفيذ، وقد طالب قانونيون بإضافة نص إلى قانون مجلس شورى الدولة يلزم الإدارة أو الوزير أو الموظف تنفيذ الأحكام ضمن مهلة زمنية معينة، تحت طائلة ملاحقة الممتنع عن التنفيذ بأملاكه وأمواله الشخصية، ما دام هناك مبدأ عام يقول إن أموال الدولة لا تحتجز".