الاحداث- نظم لقاء حواري في الذكرى 47 لتغييب الامام السيد موسى الصدر واخويه الشيخ محمد يعقوب والإعلامي عباس بدر الدين مع نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، في مقر المجلس، تحت عنوان: "الوحدة الوطنية ومواجهة التحديات"، مع حشد كبير من الإعلاميين والنشطاء السياسيين والاكاديميين وعلماء دين في مقر المجلس- طريق المطار.
بداية، رحب الزميل ياسر الحريري بالحضور، شاكراً للشيخ الخطيب فرصة هذا اللقاء، وقال: "نلتقي في هذا الصرح الوطني الذي يجمع كل اللبنانيين على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم، وهذا هو الهدف الكبير للامام السيد موسى الصدر" .
وأضاف: "لا يمكن ان يقبل مجتمع المقاومة في لبنان الا بوقف العدوان وانسحاب اسرائيل، ومن ثم الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية. ان المشروع واضح ومكشوف، يريدون رأس المقاومة لمصلحة هذا المشروع، وهذه السلطة ومن معها لا يريدون الدفاع عن الوطن والناس ولا تحمل مسؤولياتهم الوطنية ولا يريدون للمقاومة ان تواجه. بل يسعون للفتنة بين الجيش والمقاومة والفتنة بين الناس" .
العلامة الخطيب
وقال العلامة الخطيب: "أولاً أرحّب بكم في هذه الدار، وأشكركم على هذه المبادرة للحضور إلى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في مناسبة الذكرى 47 لاختطاف الإمام السيد موسى الصدر. وأتوجه إليكم وإلى جميع اللبنانيين بالتهنئة والتبريك بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف، أسأل الله تعالى أن يعيد هذه المناسبة على لبنان واللبنانيين وشعوب منطقتنا العربية والإسلامية بالاستقرار وبالأخص على الشعب الفلسطيني الذي كانت قضيته وما عاناه من احتلال ومن ظلم، وبتأسيس هذا الكيان الهجين سببا من أسباب كل ما حصل وما يحصل في هذه المنطقة".
اضاف: "بالنسبة الى الإمام السيد موسى الصدر الذي كما ذكرت، سبعة وأربعون عاماً على اختطافه وإخراجه ومنعه من الاستمرار في القيام بدوره، الذي لم يكن من أجل الشيعة في لبنان، لم يكن دوره دوراً طائفياً، وإنما انطلق من مصلحة لبنان واللبنانيين جميعاً، وقد تنبأ بأنه إذا لم يستمع المسؤولون، وليس المسؤولين فقط هم الذين يمسكون بالسلطة، وإنما كل من هو في موقع من المواقع، سواءً في السلطة أو خارج السلطة، في الثقافة، في الاجتماع، كل من له دور، إذا لم يبادروا جميعاً إلى إصلاح النظام في لبنان، قال لهم: "انكم ستجدون لبنان في يوم من الأيام على مزابل التاريخ"، اذاً المنطلق والأساس هو الخوف على مستقبل لبنان من النظام الطائفي الذي عزّز حالة العصبيات في داخل كل طائفة من هذه الطوائف، وانتج حروباً على مدى هذا الزمن، الذي حكمت فيه هذه الصيغة في النظام السياسي القائم على أساس المصالح الطائفية والطوائف، وأنه أمام التحولات في العالم وفي المنطقة وأمام المشكلة الفلسطينية والمشروع الإسرائيلي في المنطقة والمشروع الغربي، والذي هو مشروع غربي وليس مشروعاً إسرائيلياً، الإسرائيليون هم أدوات للمشروع الغربي العنصري، الذي مارس القتل والحرق لليهود حتى أُجبروا ليكونوا أداة للغرب في فلسطين، أوتي بهم إلى فلسطين ليقوموا بهذا الدور، وهم أداة للغرب، والمشروع ليس مشروعاً يهودياً ولا إسرائيلياً من أجل التحكم بهذه المنطقة والاستيلاء عليها والسيطرة على ثرواتها، وما يحتاجه هذا المشروع وما يشكّله على ديمغرافية هذه المنطقة مما نراه، والآن يحصل أمامنا من تقسيمات ومن إثارات لفتن داخل كل بلد من البلدان العربية والإسلامية التي اتخذت أشكالاً مختلفة منذ قيام هذا الكيان".
وتابع: "في لبنان نحن واجهنا منذ سنة 1920 وإلى اليوم أشكالاً مختلفة على المستوى السياسي وعلى المستوى الطائفي والاحتقان الطائفي، وإلى أن وصلنا إلى هذه النقطة وإلى هذه المرحلة التي نعيشها اليوم. أنتم تعرفون ما يحدث، وان المشكلة التي نعيشها اليوم هي خطر، ليس على طائفة وليس على مذهب وإنما خطر على لبنان وعلى اللبنانيين جميعاً، فلا يفرح البعض بانتصار مزعوم للعدو الإسرائيلي في هذه الحرب الأخيرة، هم واهمون، ولو تحقّق انتصار إسرائيلي وهزيمة للمقاومة في لبنان، فإن أثر هذه الهزيمة سيكون ليس على لبنان بل على المنطقة كلها. ولهؤلاء الذين لم يستوعبوا منذ عام 1948 وإلى الآن هذه الحقيقة ولم يتعلّموا من التجارب، لهؤلاء أقول لهم إن هذا التفكير تفكير خاطئ وخطير، وهو الذي يساعد على تشرذم الداخل لصالح العدو الإسرائيلي، البعض يفكر أن الشيعة اليوم هم الذين يتعرضون للحرب وتعرضت بيئتهم للكثير من الشهداء من الدمار والخراب والنزوح، ولكن هذا كله من رصيد لبنان".
وتابع: "أيها الأخوة، نحن في الاجتماع السياسي، هذا الاجتماع المتنوع دينياً وطائفياً، ولكنه في الاجتماع السياسي، هذا ما نؤمن به هذا فكرنا و هذا فكر الإمام السيد موسى الصدر، هو اجتماع واحد ومجتمع واحد، وهذا التنوع فيه غنى للبنان ولصورة لبنان، وهذا التنوع هو جمال لبنان، نحوله بهذا الفكر المتخلف الطائفي العنصري، لأن الطائفية لا تعني الطائفة، الطائفية هي عنصرية، وهي ضد احترام حقوق الإنسان، الإنسان هو الأساس في الاحترام، حقوق الإنسان تبدأ من احترام الإنسان "ولقد كرمنا بني آدم" ولا يأتي احترامه من الدين الذي ينتمي إليه أو من الطائفة التي ينتمي إليها، وإنما "الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله" هذه هي القاعدة الأساسية، "إن أكرمكم عند الله أتقاكم". أتقاكم يفسرها "الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله"، الدين المعاملة، الدين ليس لقلقة لسان، الدين العمل، الدين أن تعطي الحق لغيرك كما تعطيه لنفسك".
واردف: "في نظرنا ان الاجتماع هو مدني، الاجتماع في الإسلام هو اجتماع مدني، وليس بالمعنى الديني الذي أُعطي للدين في الثقافة التي هي ليست ثقافة عربية ولا إسلامية إنما هي ثقافة غربية، وليس هناك من أقليات وأكثريات، نحن لم نعتبر أنفسنا يوماً أننا منفصلون عن المجتمع الذي ننتمي إليه. المسلمون والمسيحيون وكل هذا التنوع الموجود في بلادنا هو مجتمع واحد، وبالتالي الدين الذي يُفرّق بين الناس ويزرع بين الناس الاختلافات ويزرع في قلوبهم الحقد، هذا ليس ديناً إلهياً هذا دين شيطاني، من يُفرّق بين الناس على أساس الدين وعلى أساس الطائفة الله يقول "ولقد كرمنا بني آدم"، فهو يكذب، هذا هو مشروع الإمام السيد موسى الصدر، ونحن على هذا الاتجاه" .
وتوجه الشيخ الخطيب الى اللبنانيين جميعاً قائلا: "ونحن في هذه المرحلة الخطيرة المصيرية التي نجتازها اليوم، ينبغي أن نرتقي، الإنسان يتعلم من التجارب. نحن حتى من التجارب لم نتعلم بل نتراجع، لعل الإحساس بالحالة الطائفية قبل الطائف، كانت أقل بكثير مما هي موجودة الآن، كان المفترض أن يطبق الطائف وأن يأخذ بيدنا إلى مجتمع أكثر توحداً وأكثر إحساساً بأننا مجتمع واحد وأننا بيئة واحدة. الذي نراه هو تغلغل الطائفية والإحساس الطائفي أكثر، وهو ما يشكل أكبر الخطر على لبنان، وهو أكبر من الخطر الإسرائيلي. الخطر الأساسي هو الخطر الداخلي ومن بيئتنا الداخلية، من هذا الإنقسام والتشرذم على أساس طائفي ومذهبي، هذا للأسف موجود.
وحينما ننتقد الحكومة اليوم لا ننتقدها من منطلق طائفي، نحاسبها على أساس فقط ما تقوم به، ليس لأن رئيس الوزراء هو من أهلنا وأنفسنا إخواننا أهل السنة، نحن لم نعتبر أنفسنا يوما ما ولم يكن لنا مشروع سياسي خارج عن نطاق الأمة، ربما لو كان شيعياً، وقد كان شاه إيران شيعياً لكننا كنا مع جمال عبد الناصر السني ولم نكن مع الشاه. نحن مع القضية الفلسطينية، والفلسطينيون لا أدري إن كان فيهم واحد شيعي، ونحن لم نسع الى تشييع أحد، والامام شمس الدين عندما كان هناك حملة على التشيع في مصر ذهب الى القاهرة واجتمع مع سماحة شيخ الأزهر وأطلق هناك عبارته المشهورة وقولته المشهورة "لا تبشير بين المسلمين". نحن على هذا عشنا. نحن كانت مشكلتنا مع النظام لم تكن مشكلتنا مع الأمة، هؤلاء أمتنا، فنحن نحاسب الحكومة على أساس أعمالها وعلى أساس مشاريعها والموقف الذي اتخذته الحكومة تحت الضغط الغربي وتحت الحصار وتحت التهديد كان خاطئاً. الضغط دائم وليس جديدا، متى يكون هناك مواقف وطنية ومواقف شريفة وبطولية؟ حينما تعارض من في وجهك إذا كان أقوى منك، الموقف أن تقول الكلمة في وجه سلطان جائر، الجائر اليوم من هذا المنطلق ما نراه في فلسطين هو الغرب المنافق الذي يقول ولا يفعل. يقولون أنهم مع الدولة الفلسطينية ومع حل الدولتين، ويصدرون قرارات، ولكن فقط بالكلام لنا وللفلسطينيين وللعرب، اما السلاح والاقتصاد فللإسرائيلي حتى يستطيع أن يستمر في القتل وفي الوحشية وفي الدمار وفي الخراب" .
وتوجه الى الحكومة قائلا: "المشكلة كانت مع الغرب ومع الإسرائيلي ومع الولايات المتحدة الأميركية، جئتم لتحولوها لفتنة داخلية، القرار الذي أُخذ لمواجهة المقاومة ليس في مصلحة أحد على الاطلاق ولا في مصلحة الحكومة، ونحن نريد للحكومة أن تنجح ونحن مع الحكومة عندما تأخذ القرار الصحيح. ماذا أخذتم من قرارات لصالح الشعب والناس والبلد؟ لم يحرروا الارض ولم يرغموا الاسرائيلي على الالتزام بالقرار 1701 ولم يطردوا الاسرائيلي من الارض التي احتلها ومن النقاط السبع او الثماني نقاط، ولا الاسرائيلي اوقف الحرب. انتم قلتم أعطونا مجالاً للديبلوماسية، والمقاومة وكلنا كمجتمع ايدنا هذا وسلفتهم المقاومة وسلفهم شعبنا، وانسحبت المقاومة من جنوب الليطاني وتركت الجيش اللبناني ينتشر في هذه المنطقة ومخازن السلاح التي أخذت، دمرت ولم يستفد منها الجيش اللبناني، وكان مفروضا عليه ان يدمر هذه الاسلحة. بل الحكومة تفعل العكس، تصادر الأموال التي تدخل الى لبنان عبر المطار، تصوروا تأتي الأموال على المطار من المغتربين ومن اموالهم الشخصية يصادرونها، هل هذه الحكومة والسلطة تعمل لصالح شعبها؟ أو أنها تنفذ اجندات خارجية؟ من الموجود في المطار؟ انا اسأل من باب السؤال. من الموجود في المطار؟ وهو يفرض هذه الامور".
أضاف: "في ظرف الحرب، نحن في المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ومن حقنا ان نستقبل تبرعات، وصلنا مليونين ونصف المليون امام هذا العدد الهائل من المهجرين في المناطق في ايام الشتاء، ومباشرة عندما وصلوا للمطار انا أرسلت كتاباً ان هذه الأموال للمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، لم يردوا على الكتاب وحجزوا المال، والى الآن ما زال محجوزاً، هل هذه الحكومة تعمل لصالح شعبها؟ ولصالح المهجرين والمتضررين؟ نحن نحاسب الحكومة على أساس أعمالها، وأنا أمس بالهرمل وجهت خطابي لفخامة رئيس الجمهورية وللحكومة بأن لا تستمروا على هذه السياسة، شعبكم معكم وشعبكم وقف أمام أقوى دولة في المنطقة ومن ورائها الغرب كل الغرب، لم يستطيع العدو الاسرائيلي الدخول لأمتار داخل الاراضي اللبنانية، وأكثر الدمار والخراب الذي حصل كان بعد القرار 1701، الاحتلال حصل بعد القرار 1701".
وتابع: "مرة أخرى أوجّه خطابي لفخامة رئيس الجمهورية وللحكومة اللبنانية بأن يعملوا لمصلحة لبنان ولما فيه مصلحة الشعب اللبناني وتماسك الشعب اللبناني ووحدته، لأن المقصود هو نقل المشكلة ما بيننا وبين الإسرائيلي والعالم كله اعترف بما فيه الأمم المتحدة وهو يعتدي على قوات الأمم المتحدة وما زال، وأن المقاومة وأن لبنان قدم ونفذ كل ما عليه، أما العدو الإسرائيلي فلم ينفذ شيئا واحدا ويأخذ ما يريد عن طريق الحكومة، ويعلن صراحة أن لبنان مشمول بخريطة دولة إسرائيل الكبرى، لكن أتمنى على الحكومة وعلى رئيسها ألا ينقل المعركة مع الإسرائيلي إلى معركة بين اللبنانيين، هذا القرار الذي اتخذته الحكومة هو قرار خطير، فإذا كانوا يعلمون فتلك مصيبة وإذا كانوا لا يعلمون فالمصيبة أعظم. كيف يريدون أن يحكموا الشعب اللبناني المثقف والراقي ويريدون أن يضحكوا عليه؟ أتمنى عليهم أن يعيدوا النظر بما فعلوه بالقرار الخاطئ، وأن يقدّموا الوحدة الوطنية اللبنانية. نحن لدينا مصدران للقوة، هما الوحدة الوطنية الداخلية والمصدر الثاني هو السلاح".
وفي الختام، أجاب الشيخ الخطيب على أسئلة الحضور، ورداً على سؤال للخروج من حالة الانسداد السياسي قال: "الحل هو بالتوافق وإن ما حصل في مجلس الوزراء هو مخالفة للمادة الدستورية، لماذا يدخلوننا في أمثال هذه القضايا، ونحن لسنا بحاجة لها، هل هناك قضية مصيرية أكثر من قضية سلاح المقاومة الذي يشكل مصدر قوة للبنان، اليوم البلد يقف على شوار فلماذا يخالفون الدستور وهم يتكلمون بالدستور، وفخامة الرئيس هو المؤتمن على الدستور وأقسم اليمين على الدستور، المطلوب هو الحفاظ على هذا الدستور كما هو وعدم اللعب فيه، مرة يقولون ميثاقية وتارة أخرى يقولون غير ميثاقية بين المسلمين كمسلمين وبين المسيحيين والمسلمين، عليهم أن يتعلموا من دولة الرئيس نبيه بري، في أي أمر مهم عندما يدعي له الجميع ويكون هناك رفض من أي احد فهو لا يدعو لاجتماع ويراعي هذه النقطة جيداً بالنسبة للبنانيين جميعاً، وقد رفض سابقاً عقد جلسة بغياب حزب لبناني وليس طائفة، عندما يكون الأمر على هذا المقدار من الخطورة، فالبلد سيذهب كما يريد العدو الإسرائيلي بوقوع حرب أهلية جديدة، ولكن حفاظاً على البلد وحفاظاً على العيش المشترك وعلى السلم الأهلي، نتمنى ذلك من فخامة الرئيس".