Search Icon

سحب سلاح حزب الله: تساؤلات حول كيفية التنفيذ... عون: نرفض التدخّل بشؤوننا.. ولاريجاني: أنتم أسياد قراركم

منذ 9 ساعات

من الصحف

سحب سلاح حزب الله: تساؤلات حول كيفية التنفيذ... عون: نرفض التدخّل بشؤوننا.. ولاريجاني: أنتم أسياد قراركم

الاحداث- كتبت صحيفة الجمهورية تقول:" كأنّ طائر الشؤم استوطن الأرجاء، وأعدم الخبر الفرح وأيقظ القلق في نفوس كلّ اللبنانيين، وخطف لحظة الأمان التي طالما حلموا بها، وألقى بهم داخل فيلم رعب طويل، أبطاله اصطفافان سياسيان ممترسان بمواجهة بعضهما البعض على حلبة قراري الحكومة بسحب سلاح «حزب الله» والموافقة على أهداف الورقة الأميركية، يحتشد مع كلّ منهما وحولهما، من يصحّ وصفهم بغربان تعبث بمصير اللبنانيين، وتنعق بالخراب والدمار، وتنفث أحاديث ملوّثة بالشحن والتحريض، وبروايات مسمومة تثير الذعر من أهوال خريفية تترصّد البلد، وتهدّد بسوقه إلى مكان قد لا يستطيع أن يعود منه، وتهدّد ناسه، وتماسكه، وكيانه، بضربة قاصمة سيكون من المستحيل على لبنان واللبنانيين تحمّلها.

هذه هي صورة البلد في هذه الأيّام؛ كلّ ما يساهم في التوتير السياسي وغير السياسي، وفي توسيع فجوة الخوف في نفوس اللبنانيين، وفي تذخير عوامل سقوط او إسقاط الهيكل على رؤوس الجميع، حاضر فيها ويتحرّك مطلق الحرّية بلا حسيب أو رقيب، فيما الغائب عن هذه الصورة، هو الصوت العاقل الذي يفتقده البلد في مرحلة هي الأخطر في تاريخه، لينتصر بجدّ لمصلحته، وليصرف الجهد الأكبر على قلب هذه الصورة السوداوية، وليواجه هذا الواقع بـ«لا» قوية وحاسمة، لهذا الإنحدار، مقرونة بجهد صادق وعمل جاد لتلافي هذا المصير المشؤوم. والمسؤولية تقع على كلّ الحريصين على البلد، وأمنه واستقراره وأمان أهله، بل على بقائه، وبالدرجة الأولى على من هم في سلطة القرار الرسمي وغير الرسمي، لتجنيبه تجرّع سمّ السقوط في التهلكة، التي إنْ سقط فيها، لا قدّر الله، فآنئذٍ لا ينفع ندم، والسلام لراحة نفس البلد.

ماذا بعد آب؟

سؤال وحيد يطوف في الأرجاء: ماذا بعد شهر آب، وهل للتخويف من شهر أيلول ما يبرّره؟

واقع البلد حالياً، دخل في ما تبدو أنّها مراوحة في الفراغ، مداها من الآن وحتّى آخر الشهر الجاري، وهي الفترة الممنوحة من قبل الحكومة للجيش اللبناني لإعداد خطة لسحب سلاح الحزب، يبدأ سريانها اعتباراً من لحظة جهوزها للتنفيذ حتى آخر السنة. وتبعاً لذلك، سألت «الجمهورية» مرجعاً سياسياً حول ما يُشاع من تطورات دراماتيكية قد تُدخل لبنان في مرحلة غاية في الخطورة اعتباراً من اول ايلول المقبل، فردّ بسؤال: «ليش ايلول، وليش مش قبل ايلول او وليش مش بعد ايلول»؟ وقال: «لعبة المواعيد، لعبة سخيفة اعتدنا عليها في كلّ الازمات، وبالتالي لا أساس لها».

وأضاف: «هذه اللعبة ليست بريئة بالتأكيد، فكل هذا الذي يُروّج له، القصد منه الضغط والتهويل وتخويف الناس، و»من شغل» الراغبين بتخريب البلد».

الّا أنّ المرجع السياسي عينه، رسم صورة سوداوية لحال البلد وقال: «الوضع صعب ومعقّد جداً، وأزمة (قراري الحكومة) ولاسيما قرار سحب السلاح مسدودة بالكامل، لا توجد فيها نافذة مفتوحة على حلّ. ولكن في مطلق الأحوال لن يبقى الحال على ما هو عليه، فلكلّ شيء نهاية، ربما تكون هذه النهاية في المدى المنظور، وربما تكون في المدى البعيد، ولكن ما أجزم به الآن هو أنّ الجميع ومن دون استثناء أحد قلقون ومتهيّبون مما وصلنا اليه، واكثر من ذلك، لا أحد في كلّ المواقع السياسية والرسمية يعلم علامَ سترسو عليه الأمور، يعني ما حدا حالياً عارف شو رح يصير ولوين رايحين».

كيفية تنفيذ القرار

الجيش كما هو واضح، يحيط ما أوكل إليه بسريّة مطلقة وكتمان شديد، وهذا أمرٌ طبيعي جداً، فلا كلام مباشراً أو مسرّباً من قبله، وفي الوقت نفسه، تجاهلٌ تام لما يُقال على ضفتي قرار سحب السلاح، من مديح مبالغ فيه للجيش من قبل مؤيّدي القرار، وثقة زائدة لدى هؤلاء بإنجازه الخطة وتنفيذها من دون الرضوخ لأيّ مؤثرات سياسية او غير سياسية، وأيضاً، من مديح مبالغ فيه، للمؤسّسة العسكرية من قبل معارضي القرار، وهجومهم على الحكومة لحشرها الجيش بمهمّة غاية في الخطورة، ورميها ما يسمّونها «كرة النار» في يده.

مصادر متابعة لقرار سحب السلاح وما يحوط به، تؤكّد لـ«الجمهورية»، أنّ «مؤيّدي قرار الحكومة ومعارضيه يحاولون أن يأخذوا الجيش كلّ إلى معسكره، وهذا أمرٌ لا يخدم الجيش، بل من شأنه أن يسيء له كمؤسسة هي الوحيدة في البلد التي ما زالت تحظى بالإجماع عليها، وتبعاً لذلك، أمرٌ طبيعي جداً إلّا تتفاعل المؤسسة العسكرية مع أي طرف دون آخر، ولا تتأثر بما يُقال من هنا وهناك، وبالتالي فإنّ الرهان على ان تكون مع طرف ضدّ آخر، هو رهان خاسر سلفاً».

على انّ مصادر سياسية لا تقلّل من حجم المهمّة الموكلة للجيش، وتؤكّد لـ«الجمهورية» ثقتها بأنّ أمر الخطة وتحديد مراحلها التنفيذية محسوم من حيث المبدأ، وبمعنى أوضح لا تعتري وضع الخطة النظرية ايّ صعوبة أو تعقيد، ولكنّ كيفيّة التنفيذ هي الأساس، ومرتبطة بالغطاء السياسي، الذي يوفّره قرار السلطة السياسية التي تقع عليها وحدها مسؤولية تحديد كيفية سحب السلاح، سواء أكان بالتراضي والتوافق، او بغير ذلك.

وإذا كانت الحكومة قد اتخذت ما وصف بالقرار الصعب في ما خصّ سحب السلاح، فإنّ كيفية تنفيذه بعد إنجاز خطة الجيش في هذا الشأن، كما تقول المصادر السياسية عينها، هي الأصعب وليست بالسّهولة التي يفترضها المتحمسون لقرار الحكومة، بل يعتريها قدر عالٍ من الدقة والحساسية. والحكومة في هذه الحالة، لا تستطيع ان تحصر دورها فقط باتخاذ القرار بسحب السلاح، وتلقي بمسؤولية تحديد كيفية التنفيذ على الجيش، ففي هذا الحصر مجازفة، بل إنّ الكرة في نهاية المطاف هي في ملعبها، لتحدّد كيفية التنفيذ، علماً أنّ تنفيذ قرار سحب السلاح بأيّ شكل كان، سواء بالتراضي والتفاهم او غير ذلك، تعتريه صعوبة كبرى، في ظل الرفض القاطع لقرار الحكومة، من قبل الجهة المعنية بالسلاح، أي «حزب الله» الذي قرّر التعامل مع القرار وكأنّه غير موجود، وسبق وأعلن على لسان كلّ مستوياته القيادية والسياسية انّه لن يتخلّى عن السلاح أبداً، ومهما كلّف الأمر.

وتواكب موقف الحزب هذا مع تحذيرات من دخول البلد في خراب شامل، في حال تمسكت الحكومة بقرارها ومضت نحو تنفيذه.

السفراء يدعمون

وسط هذه الأجواء، تؤكّد معلومات ديبلوماسية، أنّ قرار الحكومة بسحب السلاح يحظى بإجماع ديبلوماسي عربي وغربي عليه، ودعم مطلق للحكومة لتنفيذه في أسرع وقت ممكن.

وتُنسب المعلومات إلى ديبلوماسي غربي خلال جلسة نقاش بين مجموعة من الديبلوماسيين العرب والأجانب قوله: «إنّ قرار الحكومة اللبنانيّة بحصريّة السلاح في يد الدولة اللبنانية سيُحدث بالتأكيد نقلة نوعية للبنان بالشكل الذي يخدم مصلحته على نطاق واسع».

وأكّد الديبلوماسي عينه «أنّ كل الدول الصديقة للبنان تواكب مجريات الوضع في لبنان، وملتزمة بدعم الحكومة اللبنانية في توجّهها لإنهاض الدولة اللبنانية، ورفع الضرر الكبير الذي أحدثه تسلّط «حزب الله» عليها، وطال كل اللبنانيين».

وفي جلسة النقاش ذاتها، لاحظ سفير دولة عربية كبرى «أنّ اكثرية الشعب اللبناني تريد الخلاص من وضع تحكّم فيه هذا الحزب لسنوات طويلة، وأخضع لبنان لسياسات غريبة عنه، تقودها جهات لا تريد الخير للبنان».

ونُقل عن السفير عينه قوله ما حرفيته: «قرار حكومة لبنان بسحب سلاح «حزب الله» مقدّر من قبلنا، كما من أصدقاء وأشقاء لبنان، فهو قرار جريء، أثبتت الحكومة من خلاله شجاعة في رفض الاستسلام للأمر الواقع كما كان الحال في السابق، واختارت سلوك المسار الصحيح بقرار سحب سلاح «حزب الله»، الذي يستجيب لما تطالب به أكثرية الشعب اللبناني».

ولفت إلى أنّ «ما نؤكّد عليه في هذا المجال هو انّ هذا القرار يجب ان يُطبّق، ولا نحبّذ الدخول في أي مساومة عليه او أي مفاوضات حوله، ونعتقد أنّه اتُخذ ليُطبّق. فمصلحة لبنان كما نراها لا تكمن فقط في سحب السلاح بل تكمن ايضاً في تحرّر لبنان بالكامل من هذا الحزب، وما يشكّله من عبء وخطر على المجتمع اللبناني بأسره».

لا للتدخّل في شؤوننا

في هذه الأجواء، حضرت إيران في المشهد السياسي الداخلي، عبر زيارة أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، الذي التقى الرؤساء الثلاثة جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام، وزار ضريح الامين العام السابق لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله.

وتبلّغ لاريجاني من الرئيس عون «أنّ لبنان راغب في التعاون مع إيران ضمن حدود السيادة والصداقة القائمين على الاحترام المتبادل»، لافتاً إلى «انّ اللغة التي سمعها لبنان في الفترة الأخيرة من بعض المسؤولين الإيرانيين، غير مساعدة». واكّد «انّ الصداقة التي نريد ان تجمع بين لبنان وإيران لا يجب ان تكون من خلال طائفة واحدة او مكوّن لبناني واحد، بل مع جميع اللبنانيين».

واكّد عون «انّ لبنان الذي لا يتدخّل مطلقاً بشؤون أي دولة أخرى ويحترم خصوصياتها ومنها ايران، لا يرضى ان يتدخّل احد في شؤونه الداخلية. واذا كان عبر التاريخ اللبناني ثمة من استقوى بالخارج على الآخر في الداخل، فالجميع دفع الثمن غالياً، والعبرة التي يستخلصها اللبنانيون هي انّه من غير المسموح لأيّ جهة كانت ومن دون أي استثناء ان يحمل احد السلاح ويستقوي بالخارج ضدّ اللبناني الآخر».

وخلال اللقاء اكّد لاريجاني «انّ ايران ترغب في تعزيز علاقاتها مع الدولة اللبنانية والشعب اللبناني على كافة الأصعدة»، لافتاً إلى انّ بلاده لا تتدخّل في الشؤون اللبنانية الداخلية، واقترح استحداث صندوق لإعادة اعمار المناطق التي تضررت نتيجة العدوان الإسرائيلي، مبدياً استعداد بلاده للمشاركة فيه. مؤكّداً انّ إيران لا ترغب بحصول أي ذرة خلل في الصداقة او في العلاقات مع الدولة اللبنانية والشعب اللبناني، وهي راغبة في مساعدة لبنان اذا ما رغبت الحكومة اللبنانية بذلك.

في عين التينة، أكّد لاريجاني «رسالتنا تقتصر على نقطة أساسيه بحتة بأنّ ايران تريد ان تكون دول المنطقة سيّدة نفسها ومستقلة في قراراتها ولا تحتاج إلى تلقّي الأوامر من ما وراء المحيطات والبحار». وقال: «لم نحمل معنا ايّ خطة للبنان، الّا انّ الأميركيين هم الذين أتوا لكم بورقة من عندهم. نحن دوماً نقول لكم بأنكم أنتم أسياد قراركم. وعليكم اخذ الحيطة والحذر حتى لا تعيد إسرائيل الاعتداء عليكم. وميّزوا بين الصديق والعدو. واعلموا أنّ المقاومة هي رأس مال عظيم وكبير لكم، وننصح بالحفاظ عليها».

واكّد أنّ «على الدول الّا توجّه اوامرها من الخارج إلى لبنان. فالشعب اللبناني شعب ابي وشجاع يستطيع اتخاذ القرار بنفسه، وأي قرار ستتخذه الحكومة بالتعاون والتنسيق مع فصائل لبنان نحن نحترمها تماماً». مشيرا إلى أنّ «حزب الله» والحكومة يتمتعان بفهم وإدراك عميق ودقيق في الظروف الحالية. واني واثق تماماً انّ الامور لا تتّجه نحو التصعيد. ونحن نستبشر خيراً ومتفائلون لمستقبل لبنان».

وقال: «ايران لا تنوي على الإطلاق التدخّل في شؤون أي دولة كانت بما فيها لبنان»، مشيراً إلى «انّ الذي يتدخّل في شؤون لبنان الداخلية هو الذي يقدّم ويزودكم بورقة ويحدّد جدولاً زمنياً من آلاف الكيلومترات»، ولافتاً الى انّ «اي طلب من الحكومة اللبنانية للمساعدة، فنحن جاهزون».

وفي السراي الحكومي، أكد الرئيس سلام خلال اللقاء مع لاريجاني أن التصريحات الأخيرة لبعض المسؤولين الإيرانيين، ولا سيما وزير الخارجية عباس عراقجي، وعلي أكبر ولايتي، والعميد مسجدي، مرفوضة شكلاً ومضموناً. فهذه المواقف، بما انطوت عليه من انتقاد مباشر لقرارات لبنانية اتخذتها السلطات الدستورية في البلاد، ولا سيما تلك التي حملت تهديداً صريحاً، تشكّل خروجاً صارخاً عن الاصول الديبلوماسية وانتهاكاً لمبدأ احترام السيادة المتبادل الذي يشكّل ركيزة لأي علاقة ثنائية سليمة وقاعدة أساسية في العلاقات الدولية والقانون الدولي، وهي قاعدة غير قابلة للتجاوز.

وقال: «إن لبنان لن يقبل، بأي شكل من الأشكال، التدخل في شؤونه الداخلية، ويتطلع إلى التزام الجانب الإيراني الواضح والصريح بهذه القواعد». وأكد ان «قرارات الحكومة اللبنانية لا يُسمح أن تكون موضع نقاش في أي دولة أخرى. فمركز القرار اللبناني هو مجلس الوزراء، وقرار لبنان يصنعه اللبنانيون وحدهم، الذين لا يقبلون وصاية أو إملاء من أحد».

كذلك اكد سلام ان «لبنان بلد صغير عانى طويلاً من تدخل الآخرين وهذه صفحة آن الاوان لطيها، فأهل مكة أدرى بشعابها، ولبنان لن يقبل أن يُستعمل منبراً لتصفية حسابات أو ساحة لرسائل إقليمية. قراراتنا السيادية، نابعة من مصلحتنا الوطنية، بما فيها أي خطط او جداول زمنية».