الاحداث- كتبت صحيفة الجمهورية تقول:"على وقع الأجواء المتشنجة التي سادت خلال زيارة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني وما بعدها لبيروت، يستقبل المسؤولون اللبنانيون الاثنين المقبل الموفد الرئاسي الأميركي توم برّاك ترافقه نظيرته السابقة مورغان اورتاغوس، التي أُعطيت صفة ديبلوماسية كمساعدة او نائبة لبرّاك في الملف اللبناني، وقد تبلّغ المسؤولون رسمياً بهذه الزيارة، وحُدّدت لهما مواعيد رسمية الاثنين المقبل. وقال مصدر سياسي بارز لـ»الجمهورية» حول ما يحمله برّاك واورتاغوس: «لا نريد استباق الأمر، فالوضع دقيق جداً ولا يحتمل الاجتهادات».
ويُفترض أن ينقل برّاك وأورتاغوس الردّ الإسرائيلي على قرار مجلس الوزراء اللبناني في شأن حصرية السلاح بيد الدولة وموافقته على ورقة المقترحات الأميركية.
ولم تعلّق الحكومة اللبنانية أمس على الموقف الإسرائيلي المستجد على لسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حول إقامة إسرائيل الكبرى، وكذلك كلام قائد المنطقة الشمالية رافي ميلو عن عدم الانسحاب من النقاط الخمس. ما دلّ إلى انّ الردّ الإسرائيلي الذي يحمله برّاك واورتاغوس قد يكون سلبياً.
وإلى ذلك، استغربت مصادر وزارية عبر «الجمهورية»، كيف انّ مجلس الوزراء الذي وضع يده على أخطر الملفات السياسية والعسكرية دقة، ودخل السياسة من الباب العريض رامياً صفة التكنوقراط إلى الخلف… كيف ينأى بنفسه فجأة عن الكلام السياسي، ويصمت عن الكلام المباح في أمن لبنان المستباح إلى درجة انّ رئيس الحكومة نواف سلام عندما سُئل في بداية الجلسة أمس عن الأجواء السياسية ولقائه مع لاريجاني، لم يعلّق ودخل مباشرة في جدول الأعمال.
مثير للقلق
وفيما يشهد الداخل السياسي حال غليان نتيجة الخلاف في ملف نزع السلاح والموقف الرسمي الذي تمّ إبلاغه إلى لاريجاني، تبدي مصادر ديبلوماسية مخاوف من العواقب المترتبة عن الغموض جنوباً، حيث يبدو الإسرائيليون في صدد خطوات معينة، على حدود لبنان كما سوريا. وهذا ما مهّد له نتنياهو قبل يومين بكلامه على مصالح «إسرائيل الكبرى».
وفي هذا السياق، يبدو مثيراً للقلق ما أعلنه قائد المنطقة الشمالية الإسرائيلي رافي ميلو، من أنّ انسحاب القوات الإسرائيلية من النقاط الخمس لن يتمّ الّا بعد وقف «حزب الله» نشاطه جنوب نهر الليطاني. وشدّد أمس على «أنّ الجيش الإسرائيلي مستعد لاستخدام القوة عند الضرورة لتفكيك سلاح «حزب الله»، في حال لم يتمّ التوصل إلى تسوية تضمن إبعاد التنظيم عن الحدود وتنفيذ القرار 1701». وقال: «إنّ إسرائيل تحتفظ بخياراتها العسكرية إذا لم يتحقق ذلك عبر الوسائل السياسية أو الديبلوماسية». واعتبر «أنّ الحكومة اللبنانية أبدت نية «إيجابية جدًا» لجمع سلاح حزب الله»، لكنه أشار إلى «أنّ القدرات اللوجستية للدولة اللبنانية في هذا المجال «محدودة»، ما يثير تساؤلات حول قدرتها على تنفيذ ذلك على الأرض». وأشار إلى «أنّ قدرات «حزب الله» على إعادة التسليح تراجعت في شكل واضح بعد الضربات التي استهدفت بنيته التحتية»، مضيفًا أنّ «التنظيم لم يتمكن حتى الآن من تعيين «مجلس جهادي» جديد، ما يعكس إرتباكًا داخليًا في صفوفه عقب الضربات الأخيرة». واشار إلى «أنّ الجيش الإسرائيلي يقدّم دعماً دفاعياً للقرى الدرزية القريبة من الحدود»، لافتاً في الوقت نفسه إلى «أنّ القيادة الجديدة في سوريا تعمل على منع تهريب الأسلحة في شكل شبه كامل».
نتائج زيارة لاريجاني
وفيما غادر لاريجاني لبنان، ظلت زيارته ومضامينها محور تفاعل سلبي وإيجابي في كل الأوساط السياسية. ونقل قريبون من رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ»الجمهورية» ارتياحه الكبير إلى حصيلة اجتماعه مع المسؤول الإيراني. وأشار هؤلاء إلى انّ لاريجاني أبلغ إلى بري «انّ إيران لا تريد أن تتدخّل في شؤون لبنان، لكن رأينا أن لا تتخّلوا عن مقاومتكم لانّها عنصر قوة لكم».
كذلك دعا لاريجاني خلال لقائه بري إلى «ان يخفف اللبنانيون من خلافاتهم قدر الإمكان لأنّها تفيد عدوهم بينما وحدتهم تحصّنهم ضدّه».
وخلافاً لكل ما أشيع من أجواء سلبية عن زيارة لاريجاني، قالت مصادر إطلعت على ما دار في لقاءاته مع الرؤساء الثلاثة لـ«الجمهورية»، إنّ أجواء هذه اللقاءات لم يتخلّلها أي تشنج بالحجم الذي أشاعه البعض. واكّدت انّ المسؤولين اللبنانيين عبّروا عن آرائهم حول التطورات الجارية والظروف التي أملت اتخاذ القرار الحكومي في شأن حصرية السلاح بيد الدولة، وفي المقابل أبلغ المسؤول الإيراني اليهم موقف بلاده الرسمي في هذا الصدد، خصوصاً عندما فاتحه بعض المسؤولين في المواقف الإيرانية التي سبقت وصوله ورفضت قرار نزع سلاح «حزب الله»، فقال إنّه زار لبنان لنقل الموقف الرسمي الإيراني من هذا الأمر، وهو «أنّ إيران ترى أنّ المقاومة حققت للبنان مكتسبات وينبغي الحفاظ عليها، خصوصاً في ظل التطورات الإقليمية الجارية والتغول الإسرائيلي وعدم صدقية الولايات المتحدة الأميركية في دورها، حيث أنّها منحازة كلياً لإسرائيل، وأنّ الأخيرة تخوض الحروب في المنطقة لمصلحة الادارة الإميركية». واضاف: «خلافاً لما سمعتم من مواقف، إنني هنا لأعبّر عن الموقف الرسمي الإيراني، وهو أنّ إيران لا تتدخّل في أي شيء يتفق عليه اللبنانيون، فهي تؤيّد المقاومة وتعتبرها قوة للبنان، ولكنها لا تتدخّل في ما تتفق عليه الحكومة اللبنانية مع المقاومة».
وذكرت المصادر «انّ لاريجاني سمع من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون شرحاً لحجم الضغوط التي يتعّرض لها لبنان، ورافقت اتخاذ القرار بحصرية السلاح بيد الدولة. مؤكّداً حرصه على الحوار مع الجميع لإيجاد المخرج اللازم لهذا الموضوع. ودعا إيران التعامل مع لبنان من دولة إلى دولة، وأبدى ارتياحه إلى ما عبّر عنه ضيفه الإيراني، حيث تبادل الآراء معه «بطريقة هادئة وانسيابية، لينتهى اللقاء بينهما بتأكيد لاريجاني استعداد بلاده لدعم لبنان في كل المجالات».
أضافت المصادر أنّ اللقاء بين سلام ولاريجاني ساده بعض الفتور، لكن لقاء الأخير مع بري «كان حميماً»، حيث أشاد بـ«دور رئيس المجلس المحوري والحكيم في هذه المرحلة الحساسة»، مشدداً على «ضرورة المحافظة على وحدة الموقف الشيعي، لأنّه قوة للبنان مثلما هي المقاومة قوة للبنان، فإذا ضعفت ضعف لبنان».
قاسم ولاريجاني
وكان لاريجاني التقى قبل مغادرته الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم. وأفاد بيان للحزب انّ قاسم كرّر خلال اللقاء «الشكر للجمهورية الإسلامية الإيرانية على دعمها المتواصل للبنان ومقاومته ضدّ العدو الإسرائيلي، ووقوفها إلى جانب وحدة لبنان وسيادته واستقلاله، مؤكّدًا على العلاقات الأخوية بين الشعبين اللبناني والإيراني».
وقالت مصادر اطلعت على اللقاء، انّه «تخلّله تقييم لكل ما جرى ويجري في لبنان والمنطقة، وشرح لاريجاني كيف انّ ايران بقدرتها على اتخاذ القرارات السريعة تمكنت من احتواء الحرب الأميركية ـ الاسرائيلية التي تعرّضت لها». وفي المقابل عرض قاسم لأوضاع لبنان الراهنة محدّداً «رؤيته إزاء المرحلة الحساسة التي يمرّ فيها البلد». واتهم الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل «بدفع لبنان إلى نوع من الفوضى من خلال الضغط لنزع سلاح المقاومة».
وفي غضون ذلك، أكّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في تصريح، أنّ «السلام في المنطقة سيكون أقل استقرارًا من دون سلاح المقاومة»، في إشارة واضحة إلى الدور الذي يلعبه «حزب الله» في التوازنات الإقليمية.
وأضاف عراقجي «أنّ المقاومة تمثل عنصر ردع أساسيًا في وجه التهديدات الإسرائيلية المستمرة»، مشدّدًا على أنّ «أي محاولة لنزع سلاحها ستُفّسر كإضعاف للجبهة اللبنانية في مواجهة العدوان».
وأكّد أنّ «حزب الله كيان مستقل في قراراته، ويتخذ مواقفه انطلاقًا من المصلحة الوطنية اللبنانية». وأضاف: «لا نية لدينا، ولا رغبة، في التدخّل بالشؤون الداخلية للبنان. نحن نحترم سيادة هذا البلد وندعم استقراره ووحدته».
النفايات والصرف الصحي
من جهة ثانية، أخفق مجلس الوزراء في جلسة ثالثة extra له للبحث في ملفي خطة النفايات وقطاع الصرف الصحي في إقرارهما، بسبب الخلافات على المطامر وخصوصاً مطمر الجديدة. ورُحّل البحث إلى جلسات لاحقة، مكتفياً بالموافقة على الخطوط العامة وبعض التوصيات.